هذه ضراعتي إلى رب العالمين

هذه ضراعتي إلى رب العالمين في كل عبدٍ حرٍّ شجاعٍ نبيلٍ، خرج من بيته جهادًا في سبيل الله:

اللهم هذا عبدك الضعيف العاجز المسكين؛ خرج -بحولك وقوتك- يريد نصرك الذي وعدت؛ لوجهك ودينك ونفسه ولعبادك المؤمنين؛ ما بصَّره بالخروج إلا أنت، ولا أعانه عليه إلا أنت؛ فنسألك له -بما أوليته- جواب رجائنا فيه؛ جميلًا جزيلًا؛ لم تزل -يا ذا الجلال والإكرام- قريبًا مجيبًا.

جرِّد قصده لك تجريدًا، وسدِّد وجهه إليك تسديدًا، وعبِّد جوارحه فيك تعبيدًا، ولا تدَع باب فتنةٍ إلا أغلقته عليه، ولا باب خيرٍ إلا فتحته له، واشغله في شأنه بالأجلِّ الأسنى؛ حتى تختم له بشهادةٍ حسنى، وأقبل به عليك سالمًا سليمًا، طيبًا مطيَّبًا؛ غيرَ مقتحمٍ فتنةً، ولا والغٍ في دمٍ معصومٍ، وأعذه من شر نفسه وسيئات أعماله، وقِه حمية الجاهلية وظنها وحكمها، ولا تجعل مصيبته في دينه، واسلُك به جادَّتك الوُثقى؛ على القصد والمرحمة والتقوى؛ فلا يغالي إذا غالى المغالون، ولا يفرِّط إذا فرَّط المفرطون، واقض له في أهله وماله بخير القضاء، واخلفه فيهم بخير ما خلفت أولياءك، وثبت قلبه أن يزيغ، وخليقته أن تسوء، وعقله أن يضل، وقدمه أن تزول، وضعه حيث تحب، واستعمله فيما رضيت، واملأ لسانه لهجًا بذكرك، واجعل غايته بين عينيه، ولا تخزه بسوء ما عنده، وأغثه برحمتك التي وسعت كل شيءٍ، ووالِ به من واليت، وعادِ به من عاديت، وآنسْه وحشانًا، وسكِّنه ولهانًا، وأغثه لهفانًا، وأطعمه جوعانًا، واروه ظمآنًا، واكسُه عريانًا، وأيقظه وسْنانًا، ونبهه غفلانًا، وعلمه جاهلًا، وقوِّه ضعيفًا، وأقدره عاجزًا، واحمله حافيًا، وسلِّحه أعزلَ، واشفه سقيمًا، وأمِّنه خائفًا، واجمع عليه شمله، وأشهده مشاهد البررة، وبارك له على بصيرته؛ حتى لا يرى إلا بك، ولا يسمع إلا بك، ولا يبطش إلا بك، ولا يمشي إلا بك، واغفر له موجبات الحرمان والخذلان، وأجِرْه أن يهون عليك فلا تبالي به، واجعل رحمته في أوليائك، وشدته على أعدائك، وحُطْه بما أحطت به خلصاءك؛ حيث نظر، وحيث عمل، وحيث ترك؛ ميسرًا له في جميع أمره ما عسُر، مقربًا إليه منه ما بعُد، فاتحًا عليه به ما أُغلق، غافرًا له ما قدم وما أخر، متقبلًا عنه أحسن ما عمل؛ هو عبدك وأنت ربه، العزيز الرحيم، الولي الحميد، نعم المولى ونعم النصير.

أضف تعليق