قال: يا أبتِ؛ أيُّ شيءٍ

قال: يا أبتِ؛ أيُّ شيءٍ بين الفجر والفُجوريات! كلما شاهدتُ هذه حُرِمتُ ذاك!

قال: يا بني؛ يَرُوعُ أباك في هتاف الفجر “الصلاة خيرٌ من النوم” -كلما تأمَّله- أمران:

– الهتاف؛ أقول في نفسي: هذا النوم طيبٌ مباحٌ، والصلاة خيرٌ منه؛ كيف هي من خبيثٍ محرَّمٍ!

– الهاتف؛ هذا الذي يبعثه الله -عزَّ جلاله- مناديًا عنه في الناس -كل غداةٍ- إلى بيته للصلاة بين يديه؛ أفترى -يا بني- أن ربك -سبحانه- يُذهب جَهَدَه العظيم سُدًى فلا يؤاخذ المعرضين عن دعوته!

يا بني؛ الشيء الذي بين صلاة الفجر -زادها الله مهابةً وتشريفًا- وبين الفُجوريات التي يسميها عدو الله وعدوك (الإباحيات)؛ شيءٌ قد حدَّثك الله عنه حديث رأفةٍ ورحمةٍ، لكنك لم تنصت إليه.

قال: آهٍ -يا أبتِ- وأَوَّهْ! أوَ قد فعل الله حقًّا! أيناهُ أيناهُ حديثُ ربي! لا إله إلا هو.

قال: قال الله علا وتعالى: “فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ”، يا بني؛ إن بين الصلوات وبين الشهوات لمعنًى، لا يستغرق العبدَ من لذائذ الدين شيءٌ كالصلاة، ولا يستغرقه من لذائذ الدنيا شيءٌ كالشهوة، وكِلتاهما تستغرقانه لإشباع حاجاته الضرورية الكبرى؛ الصلاة لإشباع حاجة روحه لا يقوم مقامها من العبادات شيءٌ، والشهوة لإشباع حاجة جسده لا يقوم مقامها من مُتَعِ الحياة الدنيا شيءٌ، فإذا ضيع العبد الصلاة اتبع الشهوات لزامًا، يطلب بها -جهالةً- قضاء حاجة روحه، وإذا اتبع الشهوات ضيع الصلاة لزامًا، تُخيِّل إليه -ضلالةً- أنها أشبعت حاجة روحه.

يا بني؛ ذاك حُكم الله القدريُّ بينهما. فأما حُكمه الحسابيُّ فيهما فإنه من جنس عمل العبد “جَزَآءً وِفَاقًا؛ من بات بمشاهدة الفُجوريات مشغوفًا؛ أصبح عن شهود الفجر مصروفًا. يا بني؛ اتق الله.

أضف تعليق