لم تزل ذبابةٌ تؤذيني منذ الصباح لا أجد لها حيلةً، والذباب هو الذباب؛ كلما ذُبَّ آب، حتى دخلت كيسًا فسهُل علي قتلها. صان الله الأحباب عن أنباء الذباب؛ لكنْ هاهنا فائدتان إحداهما من الأخرى.
الأولى: أن دورانها حولي ثم القضاء عليها من أقدار الله تعالى، الثانية: إن لله في كل قدرٍ عبادةً، وعبادته في القدر الأول استغفاره -فكل أذىً بذنبٍ، وما يعفو الله عنه أكثر- وسؤاله رفعَ أذاها، وعبادته في القدر الثاني حمدُه، وأن أعلم أنه على كل شيءٍ قديرٌ؛ كما كشف يسير الضر يكشف عظيمه.
وقد جمع بين ذلك كله أثرٌ إلهيٌّ ذكرته الساعة؛ “أوحى الله إلى بعض أنبيائه؛ أدرك لي لطيف الفطنة، وخفيَّ اللطف؛ فإني أحب ذلك، قال: يارب وما لطيف الفطنة؟ قال: إن وقعت عليك ذبابةٌ فاعلم أني أنا أوقعتها، فاسألني أرفعها، قال: وما خفي اللطف؟ قال: إذا أتتك حبةٌ فاعلم أني أنا ذكرتك بها”.