“قُلْنَا يَا نَار كُونِي بَرْدًا

“قُلْنَا يَا نَار كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ”.

يا أولياء السادة الأسرى؛ هلموا إلى مواساةٍ عن ربكم.

ألم تروا إلى ربكم لو شاء أن يطفئ النار بمطرٍ من السماء فعل؟ لكنه شاء أن يُلقى خليله -صلى الله عليه- في النار، ثم أفقد النار أعظم خصائصها “الإحراق”، بل قلبها إلى ضدها “البرد والسلام”.

كذلك لو شاء الرحمن أن يخرج أسراكم؛ فعل على كل شيءٍ قديرًا، لكنه مقتدرٌ أن يُفقد السجون خصائصها “فقد الاختيار والوحشة والضيق والغربة”، وأن يقلبها إلى أضدادها كمالًا تمامًا.

ربنا فاقلب ما أسرانا فيه من “فقد الاختيار”؛ إطلاقًا لإراداتهم فيما تحب وترضى من عبادات القلوب والعقول والجوارح، واقلب ما هم فيه من “الوحشة” إلى أنسٍ بذكرك وتدبر كتابك والسجود لك، واقلب ما هم فيه من “الضيق” سعةً في أرواحهم تجول في آياتك المَتْلُوَّة والمَجْلُوَّة، واقلب ما هم فيه من “الغربة” ودًّا وقربًا وتراحمًا فيما بينهم، حتى تنجِّيهم أجمعين قريبًا غير بعيدٍ، لا نصير إلا أنت.

يا أولياء السادة الأسرى؛ لا تستدلوا بظاهر بلاء أسراكم على باطنه، في البلاء من العافية مثل الذي في العافية من البلاء، كم في القبض من بسطٍ وكم في المنع من عطاءٍ! تبارك الله لطيفًا رؤوفًا.

يا أولياء السادة الأسرى؛ إذا عرَجت أفئدة أسراكم إلى سماوات الله؛ لم يضرَّهم مع سعتها ضيق المحابس، ولم يسؤهم مع مصابيحها عتمات الزنازين، وإذا أصابهم وحيُها مدرارًا؛ أحيا الله بروحه أرواحهم، وسلكه ينابيع في نفوسهم، بيد الله مقاليد باطنهم وظاهرهم وهو على إسعادهم وكيلٌ.

أضف تعليق