بلاءٌ مبينٌ أحلف بعليم ذاتِ الصُّدور خبير غيبِ القلوب.
صار إلى ذمَّة الرحمن وحبْل جواره العبد الطيب السَّمْح الودود النبيل؛ أخي الكبير جاري القديم مولاي الحبيب الشيخ عادل، ملأ الإله قبره نورًا وحُبورًا.
هو الرجل الذي لا أُحصي كم أحسن إلي بلَحْظه ولفظه إحسانًا شديدًا؛ في نفسي وفيمن كنت أصحب من شبيبة الإسلام بدار السلام سنين عددًا؛ نُصحًا وإرشادًا وتسديدًا وتوجيهًا، في أدبٍ جَبَل الله عليه معدِنه الكريم قبل أن يصبح له به متديِّنًا، وحِلمٍ يَزين شمائله البديعة، وكان حَسن الصمت حَسن الكلام، قد بسط الله له من التُّؤَدَة والأناة حظًّا وفيرًا، وكنت كثيرًا أنظر في وجهه فأحسُّه مهمومًا، فلا أدري أكان الشيخ الحبيب كذلك أم هو ما غلب عليه من نادر الجِدِّ في زمان الهزل، غير أني أصف شيئًا فيه بشيءٍ لم أقُلْه في إنسانٍ قبله؛ كان الشيخ الحبيب عبدًا صادق السرور، إذا ضحك إليك فمُه صدَّق فؤادُك بِشْرَ وجهِه تصديقًا.
ربَّاه إني عبدٌ لم يزدد في هذه الدار البائسة إلا يأسًا من كمال الوداد وتمام الوصال؛ فاجعل ما نقص بي من الثقة بها زيادةً لي فيهما عندك بالدار الآخرة.
أخي عادل؛ هذه ضراعةٌ إلى الرب الأكرم فيك أستجبر بها من رحمته ما فرَّطتُ في جَنبك غيرَ ذي تعمُّدٍ؛ رحمك الله بأنه الرحمن الرحيم ذو الرحمة الواسعة كلَّ شيءٍ السابقة غضبَه خير الراحمين وأرحمهم، وغفر لك بأنه الغافر الغفور الغفار خير الغافرين، وعفا عنك بأنه العفوُّ الذي يحب العفو، ونوَّر قبرك بأنه نور السماوات والأرض ومن فيهن حجابُه النور، وشكر لك حسناتك بأنه الشاكر الشكور، وفتح لك في قبرك إلى جنات النعيم بابًا بأنه الفتاح خير الفاتحين ما يفتح للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها، وأفرَغ على أهلك ومحبِّيك الصبر الجميل جزيلًا، وجمعهم بك وإيانا في فردوسه الأعلى خالدين في رضوانه الأكبر أبدًا.