ليس كل فرحٍ منك بالطاعة عُجبًا بنفسك ممنوعًا يكرهه الله.
بعض الفرح بالطاعة ضروريٌّ مشروعٌ يحبه الله؛ فرحك بربك أن أوجدك من العدم فلولا هذا الوجود ما عرفت ربك ولا عبدته، فرحك بربك أن بسط لك في الحياة فلولا بسطة الله فيها ما أطعته، فرحك بربك أن ألهم عقلك فِعل الطاعة، فرحك بربك أن شرح لها صدرك، فرحك بربك أن يسر لك أسبابها، فرحك بربك أن أعانك عليها فأحدثتها، فرحك بربك أن أفاض عليك فيها وفتح لك، فرحك بربك أن لم يجعل عقوبتك على سوالف الخطايا حرمانك منها، فرحك بربك أن هداك إلى إحداث طاعةٍ مكان معصيةٍ، فرحك بربك أن أظفرك على نفسك والشيطان والدنيا، فرحك بربك أن عرَّضك بالطاعة لبركاتها التي وعد عليها في الدارين، فرحك بربك أن أظهر لك من نفسك محبةً للخير وقوةً عليه وقد كنت تظن بها السوء لكثرة آثامها، فرحك بربك أن قوَّاك على ضعفك وأقدرك على عجزك، فرحك بربك أن أذاقك طعم حبه وقربه وكفى بها منةً.
هذا فرحٌ لا تُحصى مظاهره؛ إذ هو فرحٌ بالله لا عُجبٌ بالنفس.