منشور طويل، لكنه غاية في الأهمية، فلو مش فاضي له اقرأه وقت تاني.
س: إيه حكم الخروج على الحكام (وجاوبني بالعامية عشان أفهم)؟
ج: حاضر يا حبيبي، ركز لله جدا:
عزيزي المسحول في الواقع؛ فُكَّك.
لا حُكم، ولا حاكم، ولا خروج، ولا متغلب.
إياك تُستهلك في اللي استُهلِك فيه كتير من قبلك.
الحاكم اللي بتُبحث فيه الأحكام دي كلها؛ مش موجود أصلًا.
لا خادم الحرمين، ولا عاشق الهرمين، ولا شُرَّابات خُرْج العرب أجمعين.
دول حِفنة طواغيت أنجاس، نُوَّاب احتلال (الخلفاء الأمريكيين) لبلادنا.
خد المسألة كلها باختصار بالغ، وبالبلدي؛ المُجمَع عليه، ثم المختلَف فيه:
أجمع المسلمون على إن الحكم المعتبر المحترم هو الحكم بالإسلام (كتابًا وسنةً)، وأجمعوا على إن الحاكم المعتبر المحترم هو الحاكم بالإسلام (كتابًا وسنةً)، وكمان يكون المسلمين جايبينه باختيارهم وراضيين عنه، (يعني شرط بيترجم عقيدة الإسلام، وشرط بيترجم شريعته).
الحاكم ده بالحكم ده؛ أجمع المسلمون على وجوب موالاته، ونصرته، وعلى السمع والطاعة ليه (في المعروف، وبقدْر المستطاع) ما بقي كذلك، وأجمعوا على حرمة الخروج عليه ما بقي كذلك.
صورة السمع والطاعة ليه في الإسلام (ولو كان أحسن حاكم في الدنيا)؛ مهيَّاش صورة التقديس القذرة اللي صورها شيوخ الطواغيت لأتباعهم، (نظرة سريعة على معاملة الصحابة والتابعين للخلفاء تنسفها).
بل يُعارَض بالحق، وعلى طول الخط، وهو مش شغال لوحده أساسًا.
والخروج هو (الخروج بالسلاح)، يعني إنكار منكره بالإيد حتى مش داخل فيه.
وأجمعوا على وجوب خلعه في حالات؛ بعضها ذاتي؛ زي سجنه أو جنونه أو فقده لأهليته الذاتية عمومًا، وبعضها موضوعي؛ متعلق بدينه أو مسؤولياته.
الحالات الموجِبة لخلعه (موضوعيًّا) -واللي هي موضوعنا هنا- 4 حالات:
– لو كفر.
– لو محكمش بالشريعة.
– لو ترك الصلاة.
– لو امتنع وعصابته عن شريعة واحدة ظاهرة متواترة من شرائع الإسلام.
دي 4 حالات يجب خلعه فيها، ولو اتخلع بطريقة شِيك يبقى أصون للمسلمين.
واختلفوا في 3 حالات؛ لو ابتدع، أو ظلم، أو فسق؛ هل يُخلع فيها ولا لأ؟
طب ليه بيناقشوا خلعه في الحالات دي، ومستنوش لما تِخرب منه خالص؟
لأنه مش جاي الحكم لسواد عيونه؛ ده نائب فاعل عن الأمة في حراسة دينها، وفي سياسة دنياها بالدين، (مش الأمة بجلالة قدْرها نائب فاعل عنه).
اللي يهبد لك إجماع في الحالات التلاتة دي ويقول: لا خروج على الحاكم فيها بالإجماع؛ يا إما هو جهول جهل مركَّب، يا إما -وغالبًا- هو ضلالي ضلال مبين.
بل اختلف المسلمون فيها اختلاف واسع جدا (نظريًّا، وعمليًّا) على 3 مذاهب؛ الأول: جواز الخروج. التاني: حرمة الخروج. التالت: التفصيل في المسألة. والتفصيل ده باعتبار 3 جهات؛ الحاكم، والمحكومين، والواقع.
واللي يقول لك: الإمام مين مخرجش؛ قل له: الإمام اللي كان ساكن فوقه خرج.
واللي يقول لك: الإجماع على حرمة الخروج عليه في الأحوال دي انعقد بعد الخلاف؛ قل له: ما هي (مسألة انعقاد الإجماع بعد الاختلاف) نفسها؛ مختلف فيها (أصوليًّا) اختلاف واسع.
طب اللي اتغلِّب بالقوة على حاكم معتبر محترم، وهيحكم الناس -بعد التغلب- (بالكتاب والسنة) زي اللي قبله، والمسلمين رِضيوا بحكمه خلاص (افتراضًا) أو مشُّوا الحال؛ يبقى حسابه عند ربنا في تغلبه ده، لكن حكمه حكم اللي قبله في الجهتين؛ لو استقام والناس رِضيته فليه حق الأول (موالاته، ونصرته، والسمع والطاعة ليه في المعروف بقدْر المستطاع)، لو اتعوج ببدعة أو ظلم أو فسق؛ هيتكرر نفس الاختلاف اللي قلناه قبله في التعامل معاه.
طب ليه رفضنا من البداية وصف متغلب على خنثى الطواغيت الزنديق ده وأمثاله من طواغيت العرب؟
لأن الوصف ده -وإن صح لغةً، واستُعمل تاريخيًّا- هيستدعي للأذهان -ومع مخلَّفات شيوخ الطواغيت- صورة الحاكم الأُموي مين، والحاكم العباسي مين، ونتسحل احنا بقى في التفريق للناس ما بين الحكام المسلمين، وبين الزنادقة دول.
كل اللي فات ده بقى انساه خالص؛ لأنه ملوش أي علاقة -بأي درجة، من أي جهة- بالحكام الموجودين دلوقت، خالص بتاتًا نوهائي. (أيوه واللهِ الحَكَم الحقِّ خيرِ الفاصلين).
دول حِفنة طواغيت أنجاس، وكلاء إدارة (النظام العالمي) في احتلال بلادنا، بل مكانش يِحلم بأمثالهم المحتلون القدامى لبلادنا، ولو كانوا ظفروا بيهم أيام احتلالهم القديم لينا كانوا استعملوهم، ووفَّروا على نفوسهم جهود ووقت وخساير سياسية واقتصادية وبشرية وحضارية لا تحصى.
احتلال أعمق رأسيًّا وأوسع أفقيًّا من أي احتلال لبلد من بلد في التاريخ والجغرافيا.
احتلال ثقافي، وسياسي، واقتصادي، وعسكري، واجتماعي، وأمني.
احتلال ساحق وماحق لكل معتبر في دين وإنسانية، وبهيمية كمان.
احتلال أدواته (البشرية والمادية)، (الناعمة والصلبة)؛ أعقد وأخطر مما يُتخيل.
احتلال كفاية عشان تحكم عليه بما يستحق؛ ترصد واقع المسلمين المخزي في جانب واحد بس من جوانب حياتهم ودينهم (وليكن الجانب المعيشي)، بس بدون تأثير لشيخ من شيوخ الطواغيت عليك وانت بترصد وتحكم.
بالترهيب والترغيب بتتسحق الشعوب في كل جوانب نفوسهم ودينهم ودنياهم، وبيروح لجهنم كل ساعة جماهير من الناس بتغييب الشريعة عن حياتهم، وإحلال القوانين الوضعية المَسْخرة مكانها.
القوانين اللي مهمتها في بلاد المسلمين من الآخر هي (تنظيم الجرائم لا تجريمها)، وأي حد بيمارس أي جريمة من أي نوع لكن من خلال نظام الدولة المحدَّد ليها عمليًّا أو قانونيًّا فقشطة شغال وربنا يزيده كمان وكمان.
صَد عن سبيل الله، ومفيش عدل، ولا حرية، ولا كرامة، ولا يحزنون.
فَرض للكفر والبدع والظلم والفجور والفساد؛ وبقوة الدستور والقانون والنظام، وكل اللي متفرَّق في بلاد العالم من أنواع الفساد متجمَّع في بلادنا ولا فخر، واللي مش عاجبه يِشد في حواجبه، ومن حقه يختار براحته الطريقة اللي يموت من القهر بيها.
خِير بلادنا لغيرنا، واحنا فيها حِفنة عبيد، إعدامنا أولى من بقاءنا (حقيقةً أو حُكمًا).
الساكت زي اللي بيتكلم، والكنبجية زي الثورجية، والمسألة (جدولة) بس.
أولئك البُعداء البُغضاء؛ ليس لهم إلا الثورة عليهم ومقاومتهم (إجماعًا).
إجماع ليه؟ لأن دي صورة دفع، والدفع واجب بلا خلاف، وأحكامه العامة معروفة.
والخروج هو (الخروج بالسلاح)، يعني كل اللي قبل كده مشروع من باب أولى.
لو هيتخلع بطريقة شِيك يبقى أصون للمسلمين، وإلا وجب الخروج عليه.
ووجوب الخروج ده حكم نظري، أما العملي؛ فلا يكون إلا بتقدير وحسابات.
يعني مين؟ هيعمل إيه؟ إمتى؟ إزاي؟ فين؟ ليه؟ بإيه؟ (مش لعب عيال).
ولو منفعش عمليًّا في وقت؛ يبقى الإعداد ليه بكل مباح مستطاع طول الوقت واجب.
اللي يقول لك: اتعلم الأول؛ قل له: علمني -ربنا ينتقم من فضيلتك- اللي عليَّ في مواجهتي، مما هو واجب التعلم؛ فإن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
مش تعلمني الخرَس، وفقه الذل والاستعباد، اللي لازم ينتهي بعبادة الطاغوت، وتِفضل تاخدني بالهداوة حبة حبة؛ من طاغية، لمتغلب، لقدَّر الله وما شاء فعل.
قل له: ربنا يخزيك يا مولانا! مفيش تعارض بين دراستي عقيدتي وشريعتي وبين القضية الخطيرة دي، (ده إذا فِضلت العقيدة عقيدة والشريعة شريعة في ظل غيابها).
وبدل ما نضيع أعمارنا وجهودنا وطاقاتنا في هُمَّ إيه؟ واجب نفكر -بأوسع وأعمق صور التفكير- إزاي نقاومهم؟ ونعمل إيه؟ وإمتى؟ وفين؟ وليه؟ وبإيه؟
في نفس الوقت اللي الطواغيت بيقطعوا فيه مسافات، وبيكسبوا بيه أرض، وبيحققوا بيه أهداف، وبيِهدروا فيه طاقات؛ بآليَّات ضخمة جدًّا ورهيبة جدًّا، وأخطر من ده كله سحق القوة البشرية المقاومة بالقتل والسجن والتشريد وغيرها، والواقع أفصح لسان في كشف كل الحقايق دي، واللي ربنا اختصره كله في الآية دي: “إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوآ إِذًا أًبَدًا”، يا تدخل في ملتهم يا يِتحكم عليك بالفناء السريع أو البطيء.
كل ده واحنا بنتعبِّد لربنا بشُعب الإسلام الباقية الكبيرة الكتيرة عادي جدًّا.
للإسلام خريطة يا جماعة الخير؛ لازم نبين فيها كل شيء، وبوزنه الحقيقي اللي ربنا وزنه بيه، “اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ”.
كل دين مبيعرَّفكش بالطواغيت وبالطغاة ومش بيحُضك على مقاومتهم بكل اللي تقدر عليه، بل بيطوَّعك ليهم واحدة واحدة وبيرضِّيك بالذل والهوان؛ لازم تكفر بيه، مهما اتقرأ عليك فيه آيات وأحاديث مظلومة في الاستدلال بيها، ومهما اتحكالك بالدجل عن أئمة الإسلام حكايات مظلومة في الاستشهاد بيها على واقعنا المختلف كل الاختلاف عن واقعهم، واللي يقيس لك طواغيت النهارده على خلفاء المسلمين السابقين (مهما كانت كوارثهم الدينية والدنيوية) دجال ونصاب؛ لأنه مكانش فيه خليفة ولا حاكم مسلم في تاريخ المسلمين وجغرافيتهم بدِّل شريعة ربنا كلها بشرائع وضعية من الشرق والغرب، وحارب كل مسلم بيخطر على باله إنه يِحكِّم الشريعة الإسلامية، ولا كان فيه خليفة ولا حاكم مسلم في تاريخ المسلمين وجغرافيتهم عميل للمحتلين العمالة الخالصة دي، فضلًا عن بقية الفروق الرهيبة بينهم، وكفاية انك تعرف إن الحكام الأُمويين والعباسيين اللي بيضحكوا عليك بالنفخ في منكراتهم عشان تساوي الطواغيت بيهم؛ كانوا محكِّمين للإسلام في الجملة عقيدة وشريعة، وكانت الجماعات الوسيطة المسلمة شغالة (في العلم والدعوة والحِسبة وغيرها) على أعلى مستوى، بل كان الجهاد والفتوحات شغالة طول الوقت بدرجات متفاوتة.
متسمحش لشيخ (مهما يكن حجمه في الواقع المتنيل ده) إنه يدوس على عقلك وفطرتك وكرامتك ويفهمك كلام غير ده، وإنه يِعبِّدك زي أجيال راحت وأجيال جاية للطواغيت والطغاة، دول شيوخ (على أحسن ظن بيهم) دراويش ومغفلين، لكن سوء الظن بيهم هو الواجب العقلي والشرعي، فهُمَّ في الحقيقة مجرمين ومنتفعين، حتى لو كان الانتفاع ده مجرد بقاء دعوتهم وحركتهم في أمان.
اللهم بصِّر بالطواغيت وجنودهم وشيوخهم، وأعِدَّنا لهم، وأمكِّنا منهم، والعنهم لعنًا كبيرًا، لا حول ولا قوة إلا بك عزيزًا حكيمًا، وصلِّ على رسولك وسلِّم.