ضُحَاكم كلُّ ما في هذه الأبيات من لطافة المباني وجلالة المعاني:
ما أبصرتْ عينايَ منذُ فتحتها ** لطفًا كلُطفِ اللهِ في أيامي
قالوا اتخذْ لكَ جاهًا تستعزُّ بهِ ** قلتُ اتخذتُ فكُفُّوا حسبيَ اللهُ
تعصيهِ وهوَ يسوقُ نحوكَ دائمًا ** ما لا تكونُ لبعضهِ تستأهلُ
لوْ لمْ تُرِدْ نَيْلَ ما أرجو وأطلبهُ ** منْ جُودِ كَفِّكَ ما عودتني الطلبا
وضَمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ ** إذا قالَ في الخمسِ المؤذنُ أشهدُ
إنَّ الرسولَ لنورٌ يستضاءُ بهِ ** مهندٌ منْ سيوفِ اللهِ مسلولُ
هوَ الحبيبُ الذي ترجى شفاعتهُ ** لكلِّ هولٍ منَ الأهوالِ مقتحمِ
المصلحونَ أصابعٌ جُمِعتْ يدًا ** هيَ أنتَ بلْ أنتَ اليدُ البيضاءُ
سنظلُّ في جبلِ الرُّماةِ فخلفنا ** صوتُ النبيِّ يهزنا لا تبرحوا
وبيومِ بدرٍ إذْ يردُّ وجوههمْ ** جبريلُ تحتَ لوائنا ومحمدُ
كنا نرى الأصنامَ منْ ذهبٍ فنهدمها ونهدمُ فوقها الكفارا
يا منْ غدوتَ إلى القرآنِ تَحفظهُ ** بشراكَ إنكَ بالمحفوظِ محفوظُ
فإنْ كنتُ أرجو اليومَ شيئًا فإنهُ ** وفاتي على الإسلامِ غيرَ مبدِّلِ
فأينما ذُكِرَ اسمُ اللهِ في بلدٍ ** عددتُ ذاكَ الحمى منْ صُلبِ أوطاني
وأذلُّ خلقِ اللهِ في بلدٍ طغتْ ** فيهِ الرزايا منْ يكونُ محايدا
همتي همةُ الملوكِ ونفسي ** نفسُ حرٍّ ترى المذلةَ كفرا
تحلو مرارةُ عيشٍ في رضاكَ وما ** أطيقُ سخطًا على عيشٍ منَ الرغدِ
فلا تمشِ يومًا في ثيابِ مَخِيلَةٍ ** فإنكَ منْ طينٍ خُلِقتَ وماءِ
تقفونَ والفَلَكُ المُسَخَّرُ دائرٌ ** وتُقَدِّرونَ فتضحكُ الأقدارُ
يا غافلًا ولهُ في الدهرِ موعظةٌ ** إنْ كنتَ في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وتشهدُ كلَّ يومٍ دفنَ خِلٍّ ** كأنكَ لا تُرادُ بما شهدتا
واستغنِ باللهِ عنْ دنيا الملوكِ كما استغنى الملوكُ بدنياهمْ عنِ الدينِ
وما الناسُ إلا هالكٌ وابنُ هالكٍ ** وذو نسبٍ في الهالكينَ عريقِ
هَبِ الشبيبةَ تُبدي عذرَ صاحبها ** ما بالُ أَشْيَبَ يستهويهِ شيطانُ
يا نائمَ الليلِ محزونًا بأولهِ ** إنَّ المباهجَ قدْ يأتينَ أسحارا
لولا المشقةُ سادَ الناسُ كلهمُ ** الجودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ
وأحلى الهوى ما شكَّ في الوصلِ ربُّهُ ** وفي الهجرِ فهوَ الدهرَ يرجو ويتقي
يا بائعًا حظَّهُ مني ولو بُذِلتْ ** ليَ الحياةُ بحظي منهُ لمْ أبِعِ
يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ ** ناداكمُ يا أهلَ ودِّي قدْ كُفِي
وأرى ملوكًا لا تحوطُ رعيةً ** فعلَامَ تؤخذُ جِزيةٌ ومُكوسُ
أَبُنَيَّ إنَّ البرَّ شيءٌ هيِّنُ ** وجهٌ طليقٌ ولسانٌ ليِّنُ
واذكرْ فضيلةَ صُنعِ اللهِ إذْ جُعِلتْ ** إليكَ لا لكَ عندَ الناسِ حاجاتُ
وإذا الهمومُ على الكُتوفِ تشعبطتْ ** فاهزأْ بهنَّ وقلْ لها يا اخْتِي انزلي
من حفظها اليوم أو في غدٍ؛ فليبشرني بتعليقٍ: “حفظتها بحمد الله”.