“لم يأت رجلٌ قطُّ بمِثل ما جئت به؛ إلا عُودي”.
انظر كيف صدَق ورقةُ بن نوفلٍ -رحمه الله- رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من أول يومٍ من أيام هذا الدين بحقيقته، وأنه ابتلاءٌ عظيمٌ، وأن طريقه طريق حربٍ لا هوادة فيها، وأنها سنةٌ ماضيةٌ في أهله من أوله، باقيةٌ فيهم إلى آخره؛ “وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ”، “وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا”.
انظر هذا القول الفصل، ثم انظر ما تقوم عليه عامَّة الدعوات إلى الإسلام اليوم؛ من مخادعة المدعوِّين بسهولة سبيل الإسلام، وأنها آمنةٌ سالمةٌ؛ يظهر لك الفرق بين العلم والجهل، وبين الأمانة والتدليس.
يحسب من يأتون إلى الناس ذلك أنهم يرفقون بهم؛ وحقُّ الرفق بهم أن يُكاشَفوا بحقيقة ما يَقْدُمون عليه من شأنٍ جسيمٍ؛ لتتهيأ له قلوبهم، وتتأهَّب له جوارحهم، وليستعينوا الله -علا وتعالى- على مكابدته.
لا يعارض ذلك ما كتب الله -عزَّ ثناؤه- من تيسيرٍ لأهل الإسلام -في عقائدهم أخبارًا يصدقونها، وشرائعهم أحكامًا يحققونها- إذا هم تقبلوه عنه بقبولٍ حسنٍ وسلَّموا له فيه تسليمًا، فهذا أمرٌ آخر؛ “ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ”.