هل في هذه النازلة جديدٌ

هل في هذه النازلة جديدٌ لم يخبرنا به الله ورسوله!

هل خرج هذا القدَر عن امتحانات الله الثلاثة التي ملأ كتابه عنها حديثًا!

لا أُوَبِّخ إخواني؛ لكن بالله إن الجهل بهذا لهو النازلة.

يا حبيبي؛ امتحانات الله للناس ثلاثةٌ: امتحانٌ عامٌّ ما خلقهم كافةً إلا له، مراده ابتلاؤهم بالقدَر (خيرًا وشرًّا) وبالشرع (أخبارًا وأحكامًا) لينظر كيف يعملون، وهو الذي في قوله تبارك: “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا”، وامتحان مثوبةٍ خاصٌّ بالمؤمنين الذين أفلحوا في الامتحان العام، مراده استخراج ما في قلوبهم من التقوى -بقدَرٍ أو شرعٍ يوفقهم فيه لما يحب ويرضى- فيجازيهم بهذا غفرانًا ورضوانًا، وهو الذي في قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ”، وامتحان عقوبةٍ خاصٌّ بالكافرين والفاجرين الذين خسروا في الامتحان العام، مراده استخراج ما في قلوبهم من الفسق -بقدَرٍ أو شرعٍ يخذلهم فيه بما يكره ويسخط- فيجازيهم بذلك سخطًا وعذابًا، وهو الذي في قوله تقدَّس: “وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ”.

أليس غريبًا أن تكون النازلة لأهل غزة (الذين طحنتهم طحنًا)؛ امتحان مثوبةٍ مراد الله به استخراج ما في قلوبهم من بدائع الصبر واليقين، مما أدهشنا بعضُه كيف لو رأيناه كلَّه! وتكون للساخطين (الذين لم تُصِبْهم في نفوسهم ولا جسومهم ولا أهليهم ولا أموالهم)؛ امتحان عقوبةٍ مراد الله به استخراج ما في قلوبهم من قبائح السخط والارتياب! بلى إنه غريبٌ يُخَوِّف من الله الأريب.

إن أحق ما اشتغل به عبدٌ يعلم أنه عبدٌ؛ معرفته أيُّ رَجُلَي الامتحانَين هو!

لأجل هذا أخوك قرير العين بقدَر الرب الأعظم هذي الأيام، ولو أن الله اجتبى منا كل يومٍ ألف شهيدٍ، وكانت ثمرة ذلك ما يُشْهِدنا من نتائج امتحانَي المثوبة والعقوبة؛ لكان حسبي؛ كيف واللهُ -زيادةً على هذا الفضل الكبير- أزاح عن جسد الإسلام العليل أنواع أورامٍ طال كُمُونها فيه! نَعِم من قرَّت عينه بالله!

أضف تعليق