حرفٌ قاصرٌ في الوفاء لسيدي

حرفٌ قاصرٌ في الوفاء لسيدي الشيخ خالد صقر:

هذا العظيمُ ألستَ تعرفهُ ** العزُّ بينَ يدَيهِ والجاهُ

الأرضُ في عينَيهِ خردلةٌ ** وعلى عبيدِ الأرضِ نعلاهُ

العزُّ في كنفِ العزيزِ ومنْ ** عبدَ العبيدَ أذلَّهُ اللهُ

اليوم تمامُ سنةٍ ميلاديةٍ من وفاة شيخنا الوليِّ المجاهد الطغاةَ بلسانه وماله الداعي إلى الله بقوله وعمله: خالد صقر، بُعَيْد عشر سنين قضاها في سجون الكفرة الفجرة بؤسُها في كتابٍ لا يضلُّ ربي ولا ينسى، صابرًا على شدائد المحبس ما أكبرها وأكثرها! وعلى سرطانٍ عمل في جسمه الواهن أعماله، مستعذبًا عذابه في رضا محبوبه الأقدس علا وتعالى، محتسبًا ما لقي في نفسه وأهله وماله عند مليكٍ مقتدرٍ لا يُخاف ظلمًا ولا هضمًا، غيرَ مبدِّلٍ -برأفةٍ من الله ورحمةٍ- تبديلًا، وما كانت جريمة الشيخ الجليل لدى طواغيت مصر -بصَّر الجبار بهم، وأعدَّ لهم، وأمكن منهم، ولعنهم لعنًا كبيرًا- سوى (لا إله إلا الله: اعتقادًا لها، وعملًا بها، ودعوةً إليها، وثباتًا عليها).

إن لم يكن ذلك العبد الصالح وأمثالُه من المُمَسِّكين بالكتاب لا يخافون في الله لومة لائمٍ أولياء لله؛ فليس لله في الأرض كلها أولياء.

لم يكن أبهى من لسانه الفصيح بعد وجهه الصَّبيح إلا فؤادُه الصَّليح، وكان حَسن الموالاة على الإسلام والسنة لا يعدوهما، ضاربًا في كل غنيمةٍ بسهمٍ معاشرًا كل طائفةٍ على أحسن ما معها، قد أظهر الربُّ جليل معتقده في أعدى أعدائه الطواغيت بعد الثورة المغدورة أيَّما إظهارٍ.

لا أعلم مسجدًا كبيرًا في حلوان كلها؛ إلا علا الشيخ منبره أمَّارًا بالمعروف نهَّاءً عن المنكر، وكم خطب ووعظ في محافظات مصر بالحكمة والموعظة الحسنة على بصيرةٍ غير هيَّابٍ ولا طائشٍ! وكم أصلح الله به بين أزواجٍ وأرحامٍ وإخوانٍ وجيرانٍ! قد جمع له بين الرحمة والرَّشد جمعًا عجبًا.

تعرفون شيخ شيوخ حلوان الفقيه الكبير المربِّي أجيالًا مصطفى بن محمدٍ تقبل الله منه ورضي عنه! قد كان شيخُنا خالدٌ أنجب أصحابه لديه، وأقربهم إليه، وأكرمهم عليه، وكم درَّس لنا في دوراته! فأرضاه مولاه.

إذا رأيته من بعيدٍ رأيت جادًّا فتخايلت قُرْبَه عَسِرًا، فإذا خالطته من قريبٍ ساعةً من نهارٍ وجدت رِفْقًا وبِشْرًا، جاورته في مدينة حلوان -حفظها الله تُعْجِب الزُّراع وتغيظ الكفار- ثماني عشرة عامًا متشرِّفًا متبرِّكًا، وازدانت به داري غيرَ مرةٍ، وعقد نكاح أختي الصغرى على زوجها منذ عشرين عامًا.

ربَّاه يا مولى الموالي؛ املأ جَدَث عُبيدك نورًا وحبورًا وخيرًا بينهما موفورًا، واترك عليه في الآخرين ذكرًا جميلًا لا يزول، واجبر أهله وأصحابه من بعده بأكرم الجبر وأبقاه، وألحقنا به كافةً ثابتين غير مفتونين.

أضف تعليق