سألني بائسٌ كأنه يائسٌ: كيف

سألني بائسٌ كأنه يائسٌ: كيف أرجو الله غفران ذنوبي ولا حد لها!

يا حبيبي؛ عظيمٌ تعاظُمك ذنوبك حتى لكأنها غير محدودةٍ، هذا اللائق بك عبدًا، لا يليق بك سواه.

فأما أن ذنوبك في حقيقتها غير محدودةٍ (مهما بلغت نوعًا وكمًّا وكيفًا وتراكُبًا وتعاقُبًا)؛ فاللهم لا.

كيف وأنت مقترفُها الإنسان (محدود الذات والصفات والأفعال)!

يا حبيبي؛ إن ربنا الله الذي يُطاع ويُعصى (غير محدود الذات والصفات والأفعال)، من اعتقد هذه الحقيقة العظمى حق الاعتقاد؛ لم يتعاظم حسناته فيُعجب بها أو يتيه؛ فإنها مهما كبِرت دون جلال الله، ولم يتعاظم سيئاته فيقنط من رحمة الله أو ييأس من رَوحه؛ فإنها مهما كثُرت دون جمال الله.

الآن الآن ندخل أجمعون بالمحدود من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ على غير المحدود من صفات جمال ربنا.

رباه إنا عليك داخلون بخطايانا كلِّها، كلِّها كلِّها؛ ما ظهر منها وما بطن، ما دقَّ منها وما جلَّ؛ فما أنت فاعلٌ بنا!

مولاه سيِّداه؛ ما لمَعاويزك محاويجك عندك من عامِّ الغفران وتامِّ المتاب، شاهدين على أنفسهم بغاية الضعف وغاية الافتقار وغاية الذل، معترفين بخطاياهم لا يدفعون منها مثقال حبة خردلٍ، لا يرون أنفسهم مستحقين شيئًا من فضلك الكبير طرفة عينٍ! ما لنا عندك حبيبَنا وحالُنا ذي الحال!

كأني بحبيبي الآن استروحت روحه برَوح الله، فاستغفر ربه وخرَّ راكعًا وأناب.

أضف تعليق