قال: أراك تشفق على المذنبين طويلًا.
قلت: على نفسي أُشفق؛ إني -واخجلاهُ- أعوجُهم، وإلى الإشفاق أحوجُهم.
إن قلبي يعشق تحبيب الله إلى الناس.
هذا زمانٌ لم يكن مثله قطُّ في الفتن تراكُبًا وتعاقُبًا زمانٌ، قد أُغرق عامة أهله في عيوبٍ وذنوبٍ وكروبٍ لا يحصى كمُّها ولا يستقصى كيفُها، من سلِم من نوعٍ منها هوى في نوعٍ آخر، جواذبها عاصفةٌ قاصفةٌ، كادت تحيط بما بين أيديهم وما خلفهم وبأيمانهم وشمائلهم، ولم يبق لهم سوى جهة السماء مطمعًا؛ فهنيئًا لمن جعلهم الرب في الأرض أسباب الناس إلى أطماعهم في السماء.
إنا لا بد مخوِّفون، لكنا للترجية مغلِّبون.
يا حبيبي؛ إن معتقدي أن هذه العبادة النبيلة أرجى العبادات هذا الزمان.
يا رب حبِّب بي إليك عبادًا لا تَعداد لهم.