المتحرش بالنساء ظالمٌ لنفسه ولهن، لا يعذره تبرُّج متبرجةٍ مهما فحُش، ومنهم فجرةٌ يتحرشون بمحجباتٍ، لا دين يَزجر ولا مروءة تَردع؛ هدى الله الشارد، وغفر للمنيب، ومن أصرَّ فويلٌ له وثبورٌ.
المتحرش في المواقع كالمتحرش في الواقع، والهائم بامرأةٍ يظن نفسه -بفرَط الحب- ذا حقٍّ فيها ككُل أجنبيٍّ سواه، وغير الناكح الذي لا يجد من يستعف بها كالناكح أربعًا وله جَوارٍ.
حتى المُتَسَمِّحة بالتحرش التي تُغوي بنفسها وتُغري؛ لا يحل التحرش بها، وإن عدِمت من يغار عليها من أهلها؛ فإن لها ربًّا يغار عليها ونبيًّا كذلك، ولأن الناهي الأعلى ﷻ لم يفرق بين امرأةٍ وامرأةٍ.
لكنَّ الخاشية ربها تتصوَّن لنفسها بحجابها معنًى ومبنًى؛ فأما تصوُّنها به مبنًى فإدناؤها على بدنها الجلباب كما أمرها ربها، وأما تصوُّنها به معنًى فاجتنابها مخالطة الرجال في الواقع والمواقع.
إن الفجور في الباطن -وفي الإشارة كفايةٌ- قد طوى مسافاتٍ شاسعةً بين الناس وبين الفجور في الظاهر؛ فاليوم ما إنْ يخالط رجلٌ امرأةً -مع ضعف الديانة- حتى تنهشهما الفتنة نهشًا.
الفتنَ فاجتنِبوها، والسلامةَ فاجتلِبوها، فأما مستهبِلات النساء فلا عُتبى لهن، وأما المُقِلُّون من الدياثة والمستكثرون -من أوليائهم- فأركسَهم الله، وللغرباء قبضًا على الجمر طُوبى وحُسن مآبٍ.