إن الذين عاهدوا الله في

إن الذين عاهدوا الله في الشدائد لئن نجاهم منها ليكونُن من الصالحين، فاستجاب الله لهم، ثم أخلفوا الله ما وعدوه؛ كان الله بإخلافهم الوعدَ من قبل إنجائهم عليمًا خبيرًا، لكنه مع ذلك نجاهم، لا لأنه يُخادَع جلَّ وعزَّ عليًّا كبيرًا، بل لأنه ربهم؛ فيحْلُم عليهم مع قدرته رأفةً بهم، ويُنْظِرهم أجلًا آخرَ رحمةً لهم، ويواليهم بآياته القدَرية والشرعية في الآفاق وفي أنفسهم لعلهم يهتدون، ما كل ذلك إلا ليتوبوا إليه فيدخلوا عليه فيذلُّوا بين يديه؛ فسبحانه من بَرٍّ ودودٍ!

هذه وجوه جمالٍ من ربوبية الرب الأكرم لا تتجلى لعبدٍ نبيلٍ؛ إلا أحنى رأسه خجلًا من سوابق إخلافه اللهَ وعودَه، واستغفر منها استغفار الحَيِيِّ الحَشِيم الذي لولا غلبة ضعفه البشري ما أخلف سيِّده وعدًا وعده إياه، وعزم عزمة رجلٍ شريفٍ أصيلٍ حسيبٍ ألَّا يخلف الله وعدًا يعده؛ فإن أوفى الوفاء ما كان لله الذي لا يستحق كمال الوفاء وتمامه أحدٌ مِثلُه، والرب ربٌّ، متى وجد من عبده هذا؛ غفر له وتجاوز عنه، وأعانه على اقترابه منه، رباه فاغفر لنا واهدنا؛ فإنا نحبك.

أضف تعليق