وَيْح المُرَهِّبين عُزَّابنا من النكاح

وَيْح المُرَهِّبين عُزَّابنا من النكاح -بالجِد والهزل- في الواقع والمواقع.

ألم يفقهوا أن كل ترهيبٍ وتقبيحٍ للنكاح؛ تحبيبٌ وتزيينٌ للسِّفاح!

وماذا عليهم لو قالوا في النكاح الذي قال شرعُ الإله وقدَرُه!

ظَلم النكاحَ من بَخَسه أشياءه، ومن حمَّله ما لا يحتمل.

“الدنيا سجن المؤمن”؛ فما دمت في الدنيا وما دمت مؤمنًا فأنت متقلِّبٌ بين زنازينه، بَيْد أن المتبصِّر بدنياه المتنعِّم بإيمانه لا يشقى بهذا الحبس شقاءً.

إن في النكاح تسكين ثائرات الجسوم، واتحاد أشطار النفوس، وإفضاء الحليل إلى حليله بباطن الفاقات وظاهرها، وقضاء أوطارٍ دقيقةٍ تخفي حتى على أهله، ولو لم يكن في النكاح من الغرائب غيرُ سَواغ انكشاف السَّوآت -المشتقُّ اسمُها من السوء- مع شدة طلب هذا والبذل له في تذلُّلٍ واستحسانٍ؛ لكان كافيًا! كيف وهو كَدْح أعقلِهما كَدْحًا ليَضِل بعضُ جسده في جسد الآخر!

لكنَّ هذه الدنيا دار المغانم والمغارم؛ لا مغنم فيها بلا مغرمٍ، ولا مغرم فيها بلا مغنمٍ، هذا على قدْر ذاك، والنار دار المغارم الغالبة؛ فإنه يدخلها مسلمون فيكون دخولهم فيها مغرمًا مفضيًا إلى مغنمٍ، فأما الجنة فدار المغانم الخالصة الأبدية، فمن رجا في الدنيا مغانم لا مغارم لها؛ فقد كشف عن جهلٍ بها فاضحٍ، وركونٍ إليها قادحٍ، ومن طلب مغانم النكاح مستحضرًا مغارمه رضي به.

ولما نوَّع الله حاجات الإنسان نوَّع في مصارفها؛ فجعل أصل راحة روحه في التوحيد، وأصل طمأنينة قلبه في الذِّكر، وأصل صلاح باله في الجهاد، وأصل قُرَّة عينه في الصلاة، وأصل طِيب حياته في الصالحات، وأصل شفاء عقله في العلم، وحاجاتٍ له سواها في مصارف أخرى من عباداتٍ ومعاملاتٍ؛ فاعجب لداخلٍ على النكاح -بسَمَادير الواقع، وتَهَاويل المواقع- يرجو به كل ذلك.

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

أضف تعليق