هل أتاك حديث صنعة المجاهدين!
صنعة الحياة بالموت؛ يُزهقون أرواحهم ليحيا العالَمون.
تلك صنعةٌ قَصَرها المنَّان عليهم، وحَصَرها فيهم، “نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَآءُ”.
أيها الراسخون في الأرض الشامخون إلى السماء؛ لو كانت الأعمار توهب لوُهِبت لأجلكم، رخيصةً لكم نفيسةً بكم؛ أنتم النافعون بالذلة الأولياء، الضَّارُّون بالعزة الأعداء، حُرَّاسُ الديار حُفَّاظُ الأعراض صُوَّانُ الأموال حُمَاةُ الدين، مَن اجتباكم ذو الجلال والإكرام ببَيْع النفوس ابتغاء رضوانه الأكبر.
ما عَسْعَس على الإسلام ليلٌ، ولا تنفَّس على المسلمين صُبحٌ؛ إلا وأنتم أرضى أهل الأرض أعمالًا، وأشبهُهم بأهل السماوات أحوالًا، أهنأُ المؤمنين في الدنيا عَيْشًا، وأحظاهم في الآخرة جزاءً، قد أمسى الفرق بينكم وبين جميع مَن عَداكم جسيمًا، “وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا”.
لولا أنتم أينما كنتم لكُنا أَرِقَّاء صاغرين؛ في علِّيِّين شِبَعُكم كما تجوعون، وعند ربكم رِيُّكم كما تظمئون، ومِن لَدُنْه أمنُكم كما تخافون، ويوم زيارته أُنْسُكم كما تستوحشون، وفي سبيله ما تُقاسون من غرائب الأهوال وتُكابدون، لقد وجدتم ربكم كما لم يجده غيرُكم فما تفقدون! وقد أفلح السائحون.
عليكم سلامُ الله الذي معناه أمانُه مُمَسِّكين بالكتاب، ورحمتُه التي خيرُها غفرانُه مزاحمين بالشرف السَّحاب، وبركاتُه التي غايتُها رضوانُه هازمين بالثبات الأحزاب، وعلى من ناصركم فأدرج نفسه في أُولي الألباب، ولِمن عاداكم وخذلكم عذابُ الخزي في الدارين والتَّباب؛ عُذْنا بالله ولُذْنا.
توقيعُ أطفالٍ قعودٍ بكم يَكبرون، مهما جهلوا من الأمور فبأقداركم عالِمون.
لا جَرَم أنها طفولةٌ في جنب حاقِّ الرجولة حتى ندرككم.
لقد أتاك حديث صنعة المجاهدين.