لا ينفع الصبرُ المسلمَ في جهاد عدوه إلا وفيرًا؛ لذلك ألهم الله داود وأصحابه -في قتال جالوت وجنوده- أن يقولوا: “رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا”، كما ألهم السحرة -لما توعَّدهم فرعون- أن يقولوها.
فأما الأولون فأظفرهم الله بما أفرغ عليهم من صبرٍ وأنالهم من أسبابٍ، وأما الآخرون فكانوا أول النهار سحرةً وآخره -بمُنْهَمِر الصبر- شهداء؛ يقولون لا يبالون: “لَا ضَيْرَ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ”.
أيها المجاهدون صانعو النهار؛ إن قلوبكم العَطَاشى وجوارحكم الظِّمَاء -مع حَرِّ الكفر ولَفْح مُنَازَلَته- لا يُبْرِدها إلا صبرٌ منسكبٌ دفَّاقٌ؛ فاضرعوا إلى السماء “رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا”، وارتقبوا غوث الله.