يا حبيبي؛ حكام العرب كلهم

يا حبيبي؛ حكام العرب كلهم طواغيت، لا حظ لهم من دين الإسلام، لا تنفعهم صلاةٌ يصلونها، ولا غير ذلك من بعض شعائر الإسلام التي يقترفونها كل حينٍ رِئاءَ الناس؛ بصَّر الجبار بهم، وأعد لهم، وأمكن منهم، ولعنهم لعنًا كبيرًا.

الإسلام أخبارٌ وأحكامٌ؛ أخبارٌ يجب تصديقها وأحكامٌ يجب تحقيقها، من بدَّل خبرًا واحدًا من أخباره فقد كفر باتفاق المسلمين، كمن قال: شهر أغسطس الذي أُنزل فيه القرآن بدلًا من “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ”، ومن بدَّل حكمًا من أحكامه فقد كفر باتفاق المسلمين، كمن جعل الخمر مباحة التصنيع والاستيراد والتجارة بنصوص القانون بدلًا من حرمتها القطعية في الشريعة، لا فرق في الإسلام بين تبديل خبرٍ منه وحكمٍ فيه عند المسلمين أجمعين.

كيف بمن بدَّل شرائع الإسلام كلها، وأحل محلها القانون الوضعي الجاهلي، وحمى القانون بالدستور، وحمى الدستور بالسلاح، وجعل قانونه تبعًا للنظام العالمي الجاهلي لا يخرج عنه في شيءٍ، وجعل جزاء الكافرين بالقانون الوضعي إيمانًا بشريعة الرب العلي، الذين يعتقدون حاكمية الله وحده لا شريك له فهُم إلى حكم الكتاب والسنة يدْعون، وعليها يوالون ويعادون، وفي سبيلها بقلوبهم وألسنتهم وأيديهم يجاهدون، جعل جزاءهم القتل أو السجن أو التشريد، بقوة السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، فهي عليهم مجتمعةٌ!

أم كيف باستحلالهم المحرمات اليقينية (كالقتل والربا والميسر) بقوة القانون والسلاح! إلا يكن هذا استحلالًا؛ فليس بين السماء والأرض استحلالٌ.

أم كيف بمنازعتهم اللهَ الأحد في ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته، وفي ألوهيته!

أم كيف بفرض المواطنة المساوية الإسلام بالكفر نظرًا، الرافعة الكفر فوق الإسلام عملًا، العاصفة بمعاقد الولاء والبراء على توحيد الإله عصفًا!

أم كيف بحملهم الشعوب على فصل الإسلام عن السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والإعلام والأمن وسائر جوانب الحياة، إلا قشورًا يتاجرون بها!

أم كيف بجعلهم ذواتهم مقدَّسةً عن كل نقصٍ وآفةٍ؛ فمن أظهر لهم ولاءه بصِرْف الباطل قرَّبوه وكرَّموه وأثابوه، ومن أظهر لهم عداءه بمَحْض الحق أبعدوه وأهانوه وعاقبوه، فهُم الذين عليهم مدار ولاء الجماهير وبرائهم، لا يَشركهم في ذلك إلا الملأ الذين هم بهم ظاهرون والملأ بهم ممكَّنون!

أم كيف بتمكينهم أعداء الإسلام من المرتدين والمنافقين في الإعلام (مقروئه ومسموعه ومرئيه) يقولون في عقائد الإسلام وشرائعه ما يشاؤون من مظاهر الكفر البواح، ومن جاهدهم بلسانه أو يده (من غير شيوخهم الذين هم بهم مؤمنون)؛ فمصيره ظلمات الزنازين حتى يموت فيها حقيقةً أو حكمًا!

أم كيف بموالاتهم ساداتهم رؤوس الكفر من يهودٍ وصليبين وسواهم؛ في حرب الإسلام ومقدَّساته وأهله حربًا أعتى من حرب أولئك الرؤوس لنا!

أم كيف بوكالتهم للنظام العالمي (بقِيمه وقوانينه ومؤسساته) في سياسة المسلمين في أمور دينهم ومعاشهم كافةً؛ حتى أضاعوا البلاد والعباد!

يا حبيبي؛ قال نبيك صلى الله عليه وسلم: “ومن دعا بدعوى الجاهلية؛ فهو من جُثى جهنم”، فقال رجلٌ: يا رسول الله؛ وإن صام وصلى! فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “وإن صام وصلى وزعم أنه مسلمٌ”. فكيف بمن كان رأسًا للجاهلية يُعَبِّد الناس لها تعبيدًا، ويقاتل كل خارجٍ عليها بلسانه أو يده!

يا حبيبي؛ الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله، “فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا”؛ فاعرف الطاغوت لتكفر به، “ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ”، وكل دينٍ سواه أعوج، وإن سمَّى عليه شيوخُ الطواغيت الله والرسول؛ فاعتصم بدينك الحق لا يفتننك عنه ساقطٌ نذلٌ مخذولٌ.

أضف تعليق