#في_حياة_بيوت_المسلمين. لا يحل لوالديك ضربُك

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

لا يحل لوالديك ضربُك بغير حقٍّ، أو بحقٍّ لكن زيادةً على ما تستحق، واجتناب الضرب خيرٌ إلا قليلًا لا بد منه، ومتى اضطُرا إليه فبقيودٍ كثيرةٍ لا يُباح إلا بها.

ليس هذا مَرامَ حرفي ذا حبيبي، إنما مَرامُه إذا ضربك والداك بغير حقٍّ أو زيادةً على ما تستحق؛ فاغفر لهما وارحمهما وظُن بهما ما ينبغي من الخير لهما، ومتى يسَّر الله بينكم حالًا صالحةً مُوَاتِيَةً؛ فبيِّن لهم رفيقًا بإحسانٍ مغبَّة هذا في عاجل الأمر وآجله، وأنه ليس بالأهدى في الإسلام سبيلًا لتأديبٍ، ولا الأرضى لله ورسوله في البعيد والقريب، فإن كَفَّا عن ظلمك فلله الحمد جزيلًا وعليه الثناء جميلًا، وإلا فلا تمكنهما من ضربك بباطلٍ أو بحقٍّ لكن زيادةً على ما تستحق، والله يعلم المفسد من المصلح، وهو عليكم أجمعين رقيبٌ حسيبٌ، اغفر ربَّاه وارحم.

من طريف ما أذكر في هذا الشأن؛ أن والدتي -أبهج الله في الدارين مهجتها- ضربتني أيام الجامعة منذ أكثر من عشرين سنةً لتأخري عن البيت إلى شطر الليل، وكانت هذه خطيئتي المكرورة في جنبها الكريم وقتئذٍ كثيرًا، فلما كان اليوم التالي وفرغت من إلقاء موعظةٍ في المسجد ليلًا، وبينما أنا بين كبار أهل المسجد -مسَّاهم الله بخير الإيمان وأطيب العافية أجمعين- إذ أقبل علي أخي الصغير موسى -قلَّبه الله في الساجدين- وهو يومئذٍ ابن عشر سنين، وقال لي بحضرة الناس: أمي عايزة حضرتك دلوقت يا أبيه حمزة، فقلت له: حاضر يا حبيبي، وتأبَّطته، وجعلت أُتم إلى الأحبة حديثي، وإن أصغرهم لمجاوزٌ الأربعين عامًا، فقال لي المدهول في دهولةٍ منقطعة النظير: ما لو اتأخرت يا أبيه هتضرب حضرتك زي امبارح، وهنا ساخت أقدامنا في الأرض ضحكًا أجمعين.

استمر السَّفُّ علي في المسجد بسبب دهولة الباشا سنين عددًا، وسلك القوم في سَفِّهم علي كلما ذكروا ذلك طرائق قِدَدًا، المهم مع هتضرب “حضرتك”.

ما سخطت على والدتي في شدةٍ علي يومًا، ولو أني تخايلت إنسانًا معصومًا لم يكن ذلك الإنسان إلا أمي؛ ذلك بأن الحبيبة ما ضربتني قط إلا ابتغاء صلاحي.

أضف تعليق