ويحك؛ لم تصرُّ على سوء الخاتمة!
قال: وهل يصرُّ عبدٌ على سوء خاتمته يا أبتِ!
قال الوالد: نعم بني؛ من غفل عن توبته؛ فقد أصرَّ عليها.
يا حبيبي؛ ليس سوء الخاتمة الذي يظن أكثرُ الناس ظنًّا؛ أن يموت أحدهم وهو يقارف ذنبًا من الذنوب، فذاك قليلٌ؛ بل كل من لقي الله بكبيرةٍ لم يتب منها توبةً نصوحًا؛ فقد لقيه بخاتمة سوءٍ.
قال: فإني لم أزل لِأجل ذلك أتعوَّذ بالله من موت الفجأة.
قال الوالد: وهل يأتي الموت إلا فجأةً! إنما موت الفجأة الذي خوَّفنا نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في قوله: “موت الفجأة أَخْذَةُ أَسَفٍ”؛ هو ما باغَت صاحبَه وهو غير مُبالٍ به، ولا مستعدٍّ له.
فمن مات بعد طول مرضٍ لا يختلف الناس أنه يموت به -على غير توبةٍ من آثامه- فموته موت فجأةٍ، ومن باغته موته بغير أسبابٍ ظاهرةٍ بين يديه -وهو غير مفرِّطٍ في التوبة- لم يكن موته كذلك.
يا بني؛ تعوَّذ بالله منه لكنْ فاقِهًا معناه، وما لزمتَ التوبة لم تضرَّك مفاجأتُه شيئًا عند الله. يا بني؛ العاقل إذا ظن نفسه لسوء الخاتمة أهلًا؛ لم يجعل طريقه إلى أسبابها سهلًا. يا بني؛ مت تائبًا.