صَهْ وصَهٍ، مَهْ ومَهٍ. هل

صَهْ وصَهٍ، مَهْ ومَهٍ.

هل يستنبت الشأنُ في سورية الحبيبةِ نابتة مداخلةٍ، ونابتة خوارج!

فلهؤلاء -قبل نباتهم- أقول اثنتين:

– ذودوا، لا تذوبوا؛ ذودوا عنهم الكافرين، من غير ذوبانٍ فيهم.

– القوم قدَرٌ يجب أن يستفاد منه، لا شرعٌ يصح أن تُغرقوا الأمة فيه.

ولأولئك -قبل نباتهم- أقول اثنتين:

– عن قطعيِّ المنكرات لا تسكتوا، وإخوانَكم في الله لا تَسْحِتوا.

– موجود السوء: لا توقدوه بالأُتون، ومعدومه: لا توجدوه بالظُّنون.

ليس في الإسلام سكوتٌ عن باطلٍ مراعاةً لزمانٍ أو مكانٍ أو حال وليٍّ أو حال عدوٍّ؛ على أن يكون قطعيَّ الدلالة على الباطل، قطعيَّ الثبوت إلى أهله، في العلن لا في الخفاء، ومن تكلم فبعلمٍ وعدلٍ، ولَمَن راعى العلم والعدل فأولئك ما عليهم من سبيلٍ؛ إنما السبيل على الناهين عن النهي عن المنكر، يحسبون ذلك أرجح للكليِّ العامِّ الأبديِّ على الجزئيِّ الخاصِّ الأمديِّ.

يا إلهي! كيف توهَّمت القضاء في الرجال (بغير سلب المحامد من المخالفين المفارقين، وجلبها للموالفين الموافقين)؛ كيف توهَّمته فعلًا سهلًا!

فإني اليوم -وسطَ العِقد الخامس- أظن ميزان الاعتدال في الرجال من أشقِّ تكاليف الإسلام نظرًا وعملًا: التوسط بين المدح إلى غير سقفٍ والقدح إلى غير أرضٍ، من تخايله سهلًا فهو متخايلٌ؛ كم بالخيال من خبالٍ!

وماذا علينا إذا عرفنا معروفهم دون مَلْأَكَةٍ، وأنكرنا منكرهم دون شيطنةٍ!

ويلَ المُرْهِبين إخوانهم من هؤلاء وأولئك! ما يزيدون القضية إلا رهقًا.

هؤلاء يُخَوِّفون كل منكِرٍ على القوم منكرًا لا ريب فيه، يقولون: سفهاءُ أنتم تُفَشِّلون التجربة، وأولئك يَنظرون إلى كل عارفٍ منهم معروفًا نظر المتكبرين في صورة المشفقين، يقولون: أغرارُ أنتم لا تفقهون شيئًا.

لئن حمدنا ربنا بما عصمنا من خذلان الإخوان -إِبَّان كانوا في صورة الحكم- حمدًا جزيلًا؛ فإنا نثني عليه -تمجَّد وتعظَّم- بأنا لم نسكت عن منكرٍ فعلوه ثناءً جميلًا؛ فكنا -بحول الله وقوته، لا بحولنا وقوتنا- فيهم من المقتصدين.

كذلك تولانا مولانا في المناضلين عن بيت المقدس، فجعلنا فيهم وسطًا؛ نقول في قولهم في قاسم سليماني وحسن نصر اللات: هذا منكرٌ من القول وزورٌ، ونقول في بدائع الروائع التي يفعلون: عملٌ مبرورٌ وسعيٌ مشكورٌ.

أفرأيت لو كان في أحبابك -أعاذك الله وإياهم- من فشِلت كُلْيَتاه وكبدُه وضرب السرطانُ عامَّة جسده؛ فإنك ترجو بشطر قلبك أن يُشفى من كل ذلك شفاءً لا يغادر سقمًا، وترجو بشطر قلبك لو شُفي منه بُعَيْضُ ذلك فاستبقى حياته؛ فإنا كذلك في الفاتحين من إخواننا والغامقين كلما وأينما وكيفما مُكِّن لهم؛ ننظر بعين الشرع إلى ما تركوا من الحق فنقول: تلك طريقةٌ لا تُبَلِّغنا ما نصبو إليه، وننظر بعين القدَر إليهم فنقول: لله الحمد بما جاوَزوا بنا سوء ما كنا عليه، ثم لا تكون وظيفتُنا فيهم خَلْع ثوب الشريعة على تصوراتهم وتصرفاتهم بمُجَرَّد إسلامهم، وذلك محضُ التوفيق، طوبى لمن هداه الله إليه وأقدره عليه.

إن من أحبتي هنا الفاتحين والغامقين من أنظر إلى موفور خير الرب فيه، فأدعو الله أن يمكن به، ثم أنظر إلى طول مكثه في الوكس أو الشطط فأدعو الله (ما بقي كذلك) ألا يمكن له؛ إنه ما تمكن (وهو كذلك) جار علينا جورًا عظيمًا.

إن الذين يقومون في رجال المسلمين وطوائفهم بمعرفة معروفهم لا يهابون أَسِنَّة الماقتين، وبإنكار منكرهم لا يخشون ألسنة العاشقين؛ لهُم -على الحقيقة- أولى الناس بهم في الدنيا والآخرة؛ نرجو الإله أن نكون منهم مدة الحياة.

ثم تارةً أخرى أقول:

طول مكث الناس في ظلمات الاستضعاف؛ طَرَّف قومًا إلى استمراء سوادها، وقومًا إلى استعجال كمال أضدادها؛ فالأولون احْلَوْلَى لهم الهوان فهم يعادون كل ساعٍ لإعتاقهم منه، والآخرون ظِماءٌ إلى التمكين فهم يحسبون كل مُتَأَنٍّ فيه يصدهم عنه، وأُولو الإسلام والنُّهى بين الوَكْس والشَّطَط يسترشدون الله.

أيعجز أحدنا أن يكون في الذي بين المسلمين من شقاقٍ؛ عبدًا حَسنيًّا!

الحَسنيون: المقتدون بسيدنا الحَسن بن عليٍّ عليهما رضوان الله، القائلِ فيه جدُّه المعظَّم ﷺ: “إن ابني هذا سيدٌ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”، أولئك الحَسنيون الذين يعرفون معروف المسلمين وينكرون منكرهم؛ لكنهم -إذ يُحِقُّون الحق، ويبطلون الباطل- لحظوظ أنفسهم مجتنبون، ولعموم مصالح المسلمين مجتلبون، إنما تحيزهم للحق أين كان، فأما أن يكون تحيزهم لطائفةٍ مهما رشدت أو غوت؛ فلا، أولاء متحيزون لا يُمَيِّزون.

يا حيُّ حين لا حي، يا قيوم كلَّ افتقارٍ؛ اجمع لنا بين قاعدَتي شريعتك المثلى: إحقاق الحق، وإنصاف الخلق، وصِل بنا ما أمرت به أن يوصل، واجعل رَغَبَنا ورَهَبَنا فيك أنت، وأعِذنا من الظلم كلِّه؛ دِقِّه وجِلِّه، جِدِّه وهزلِه، علانيتِه وسِرِّه، خطئِه وعمدِه؛ أن تُنْقَض ظهورُنا يوم التغابن، ومتِّعنا بالعدل حتى نلقاك.

يقولون كأنهم حكماء محنَّكون: لا

يقولون كأنهم حكماء محنَّكون: لا يُطلب الاهتمام من المحبوب.

يا حبيبي؛ يرحم الرحمن قلبك جاع أو شبع؛ بل يُطلب الاهتمام؛ لكن من أهله (الذين هم أهله)؛ تذكيرًا بحق الحب، وإعانةً على ديمومة القرب، فيكون -بهذا الميزان- تحقيقًا لا تخليقًا: تحقيقًا لكمال المودة، لا تخليقًا لأصلها.

يا حبيبي؛ محبوبك إنسانٌ، مجبولٌ على الجهل والضعف والنسيان، ومن ثبتت مودته بيقينٍ حَرُم التفريط فيه بالظن.

يا حبيبي؛ لم يزل الله يذكِّر أحبابه بما له عليهم من حقوقٍ؛ بأنه أحاط بتقلُّبات نفوسهم بين الانقباض والانبساط خُبرًا.

يا حبيبي؛ المحبون إذا عجزوا عن التغافل قدروا على التغافر، وما لم يكن طلبك الاهتمام مطاوعةً لداعي الألوهية الخفيِّ فيك؛ فعاتب حبيبك رفيقًا نبيلًا، فإذا ما ابتغى محبوبك الخروج من سخطك بعذرٍ؛ فافتح له من فوره سبيلًا.

يا حبيبي؛ ما كان حَرَم الحب آمنًا فادخله بسلامٍ، أوَلَم تُحْرِما عند ميقاته بإزار الذل ورداء الإيثار! فقِف بعرفاته، وطُف بكعبته، واسْع بين صفاه ومروته.

يا حبيبي؛ الحب كالحج عبادةٌ؛ كما نأخذ عن نبي الله ﷺ مناسكه لا عمَّن سواه؛ نأخذ عنه شمائل الحب لا عمَّن عَداه؛ إنه سيد من أَحَب وأُحِب، والمقياس وحده لا شريك له في الاتباع، من استضاء بنوره فيه لم يَبِت باكيًا ولم يصبح شاكيًا.

أعيذكم بالله أن تأخذكم بالنافقين

أعيذكم بالله أن تأخذكم بالنافقين من عبيد الطواغيت رأفةٌ ورحمةٌ.

يا ذا العزة والانتقام؛ أَذِق الفاطسين من أعداء دينك رؤوسًا وأذنابًا من: عذابِ الآخرة، عذابِ النار، عذابِ جهنم، عذابِ الجحيم، عذابِ الحميم، عذابِ الحريق، عذابِ السعير، عذابِ الخزي، عذابِ الخُلد، عذابِ السَّموم، العذابِ الشديدِ الأشدِّ الكبيرِ الأكبرِ الأخزى الأشقِّ الأبقى المبينِ المُهينِ الأليمِ الغليظِ العظيمِ القريبِ المقيمِ الصَّعَدِ البئيسِ الواقعِ الواصبِ النُّكْرِ الضِّعفِ الهُونِ المستقرِّ غيرِ المردود غيرِ المأمون، عذابِ يومٍ كبيرٍ، عذابِ يومٍ عظيمٍ، عذابِ يومٍ عقيمٍ، عذابِ يومٍ محيطٍ، عذابِ يومٍ أليمٍ، عذابٍ فوق العذاب، عذابٍ من رجزٍ أليمٍ.

حاذروا؛ البعداء منتشرون في بعض

حاذروا؛ البعداء منتشرون في بعض الميادين والطرق العامة بالقاهرة.

قرأت كلامًا لأكثر من فاضلٍ، يحكي رؤيته إياهم يوقفون المارَّة ويفتشونهم.

قد زادهم قدر ملك الملوك في سورية خوفًا وزادنا رجاءً؛ فاللهم قرِّب.

وهل يرجو العطب لأحبة الشام

وهل يرجو العطب لأحبة الشام اليوم؛ إلا الذي في قلبه مرضٌ!

حسْب الملتمسين لهم العنت من بيننا؛ أن أشبَهوا كفرة العلمانيين.

مولاي؛ املأ قُصودهم وأقوالهم وتُروكهم وأفعالهم توفيقًا، وقِهم الفتن.

حقيقٌ بمن لم يشرفه الإله بما شرفهم به عملًا؛ أن يَشركهم فيه رجاءً.

أمَّا قلبي -بنعمة ربي- فمُتْرَعٌ حبًّا لهم وأملًا فيهم وحذرًا عليهم.

طول مكث الناس في ظلمات الاستضعاف؛ طَرَّف قومًا إلى استمراء سوادها، وقومًا إلى استعجال كمال أضدادها؛ فالأولون احْلَوْلَى لهم الهوان فهم يعادون كل ساعٍ لإعتاقهم منه، والآخرون ظِماءٌ إلى التمكين فهم يحسبون كل مُتَأَنٍّ فيه يصدهم عنه، وأُولو الإسلام والنُّهى بين الوَكْس والشَّطَط يسترشدون الله.

ظنُّك بعدوك أنه من وراء

ظنُّك بعدوك أنه من وراء كل إزاحةٍ وإحلالٍ في الأرض؛ شركٌ خفيٌّ.

لولا استعظام هؤلاء كبرياء الكفرة في قلوبهم؛ ما ظنوا بالكرام الظنون.

أرخُوا أعِنَّة الفِطَر تستقيموا، ولا يجرمنكم الحذر أن تعدلوا؛ اعدلوا.

يوم القيامة الضرورة القصوى. أقولها

يوم القيامة الضرورة القصوى.

أقولها كلما جد عاصفٌ قاصفٌ من أنباء السادة الأسرى.

جليلٌ هو اختلاف آراء أولياء الله اليوم في أعداء الله؛ هل يعذبونهم قبل قتلهم؟ أم يسرعون بقتلهم؟ وأنا -أخو القوم هَوًى وهُدًى- أُرَجِّح للطائفتين فأقول: لئن كنا في حالٍ أوسع من هذه؛ فالتعذيب مقدَّمٌ على القتل؛ فإن الجمع أولى من الترجيح، فإنه إعمالٌ والترجيح إهمالٌ، وتلك سنة عظيم الممكَّنين ذي القرنين عليه السلام، “قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا”؛ لكن أخشى ما أخشاه الساعة؛ أن يَعرض عارض سوءٍ داخلَ سورية أو خارجَها -عِياذًا بملك الملوك ولِياذًا- فلا يكون هذا وذاك، فتعجيلهم إلى جهنم أحرى، وهل دون الخلود في لظى نزَّاعةِ الشَّوى تَصهر ما في بطونهم والجلودَ في مقامعَ من حديدٍ؛ هل دون ذلك -وسائرِ أهوال جحيمها- شافٍ لغيظ الصدور!

فأما إن كانت الحال أوسع من هذي؛ فأَهْوَن ما يليق بهم وأَدْوَن ما ينبغي لهم؛ أن يُوكَل تعذيبُهم بأطباء عماليق الخبرات، يعذبون عظامهم ولحومهم وأعصابهم وجوارحهم -ما ظهر منها وما بطن، ما دقَّ منها وما جلَّ- عذابًا أليمًا مهينًا لا يموتون به ولا يحيون، فإذا سئمنا ذلك أضرمنا -متثائبين- في بقاياهم نارًا هادئةً، ثم لا نرى هذا في جنب ما فعلوا بديننا وأعراضنا ودمائنا وبلادنا شيئًا.

اللهم كما أهلكت البوطي؛ فأهلك بأيدينا ثالوث الأزهر.

يوم القيامة الضرورة القصوى.

“وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُم

“وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ”؛ الذنب بعد المَنِّ أغلظ.

قبيحٌ سوء الظن بالرحمن على كل حالٍ، وهو بعد اليوم أقبح وأوقح.

ومن أظلم ممن أساء ظنه بربه؛ من بعد ما أراه في أعدائه آياته الكبرى!

رب قد أدهشتني باسطًا بما لست له أهلًا؛ فلأظُنن بك قابضًا ما أنت له أهلٌ.