كن للإسلام وأهله مكتباتيًّا مصطباتيًّا.

كن للإسلام وأهله مكتباتيًّا مصطباتيًّا.

المكتباتي: حبيس المكتبة والكتب؛ فخبرته نظريةٌ مجرَّدةٌ.

المصطباتي: المنسوب إلى المصطبة؛ كنايةً عن شدة خبرته بالدنيا والناس.

كم ضيع الدينَ أطفالٌ لم يجمعوا بينهما! فاجمعهما رجلًا.

اللهم فطنةً في الدين والدنيا والناس.

الأكل ده ناقصه لحم. الأكل

الأكل ده ناقصه لحم.

الأكل ده ناقصه حمد.

كاد يقول الأولى لولا أن ذكر جياع المسلمين، فقال الأخرى.

نستغفرك اللهم ثم كل جائعٍ وظامئٍ من كل شبعٍ وريٍّ، واخجلاه!

خُطوب الأحبة فوق الخيال، لولا إيمانٌ بالله واليوم الآخر لطاشت عقولنا.

أفرغ الله عليكم الصبر إفراغًا، ما دون إفراغه من الله بلسمٌ يُهَوِّن.

إلهَنا؛ أعِدَّنا للشأن نفوسًا وجسومًا، وانزع من قلوبنا الوهن.

إن قلبي لهُو المعتذر.

سامحوني ولكم المِنَّة.

أسرانا يا مولانا. تولَّهم فيما

أسرانا يا مولانا.

تولَّهم فيما دقَّ من فاقاتهم وما جلَّ؛ بخير ما توليت به مساكينك.

أسرانا يا مولانا.

اطْوِ لهم موجِعات البلاء طيًّا، واجعله بركةً لهم في الدين والدنيا.

أسرانا يا مولانا.

قيِّض برحمتك لأهليهم من يخلفهم فيهم؛ بأكرم الرعاية وأدومها.

أسرانا يا مولانا.

أعِذنا من خذلانهم، وشرِّفنا بفكِّهم، وبلِّغنا أثآرنا من الكفرة الفجرة.

أسرانا يا مولانا.

ركَّب الله في الإنسان قوتين:

ركَّب الله في الإنسان قوتين: قوةً شهوانيةً، وقوةً غضبيةً، وأمره لتصريفهما بأمرين: النكاح، والجهاد، فكلما ضُيِّق على الناس طريقُ النكاح تسافحوا، وحيثما عُطِّل عنهم الجهادُ تقاتلوا؛ “أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”! سبحانه.

من عرف أن النفاق إبطان

من عرف أن النفاق إبطان الكفر وإظهار الإسلام؛ عرف أن جمهرة المُعادين للإسلام اليوم في عقايده وشرايعه ليسوا منافقين، إلا من جهة بقاء انتسابهم إلى الإسلام بأسمائهم، وكيف يكونون منافقين وهم يُظهرون من أنواع الكفر في محاربة الإسلام وأهله اليوم ما لم يُظهره أبو لهبٍ وأبو جهلٍ بالأمس! ثم إن النفاق لا يُضطر إليه أهلُه إلا في ظهور الإسلام وتمكُّن أهله؛ فما يَضطر أعداءَ الإسلام اليوم إليه وحال الإسلام والمسلمين حالٌ! قوَّانا الله بالإسلام وقوَّاه بنا.

يا آل كل شهيدٍ؛ هل

يا آل كل شهيدٍ؛ هل يُطَيِّب نفوسَكم رجوعُ شهدائكم إليكم تارةً أخرى!

فإن رجوع الشهداء إلى الدنيا تارةً أخرى ليس ممتنعًا لذاته، ولقد أمات الله طائفةً من خلقه ثم أحياهم، كما قص علينا في التنزيل قصصهم؛ لكن الله إذا رجَعهم إليكم كما تشتهون؛ فليَشْتَهُن هم الرجوع إليه بالشهادة مرةً بعد مرةٍ.

ألستم تصدِّقون خبر نبيكم -صلى الله عليه وسلم- ما لا تصدِّقون أعينكم! فإنه قال: “ما أحدٌ يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيءٍ؛ إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مراتٍ لِمَا يرى من الكرامة”.

يا أم الشهيد، يا أباه، يا أخته، يا أخاه، يا زوجه، يا عياله، يا أرحامه، يا أصحابه؛ خيرٌ من ذَهاب أنفسكم على شهيدكم حسراتٍ؛ أن تعملوا مثل عمله فتموتوا مثل ميتته؛ فإنا لا محالة عاملون أحد العملين فميتون إحدى الميتتين؛ فقَرُّوا أعيُنًا.

يا آل كل شهيدٍ؛ إن الشهداء عنكم في شغلٍ فاكهون؛ بلَّغنا الله ثأرهم.

ولولا رجالٌ صالحون ونساءٌ صالحاتٌ

ولولا رجالٌ صالحون ونساءٌ صالحاتٌ بأرض مصر، يصيبهم من الدواهي ما يصيب شِيَعَ الطواغيت أوغادَها؛ لم نأسَ على فظائع الكُرَب المتتابعة التي تغشاها؛ لكنا نرجو الله أن يجعلها للصالحين في الدارين رحمةً، وعلى الأوغاد في الدارين نقمةً، ليس في قلبي شفقةٌ على أنصار الطغاة أبعدهم الله.

هَلُمُّوا أربابَ الخطايا؛ “السيف محَّاء

هَلُمُّوا أربابَ الخطايا؛ “السيف محَّاء الخطايا”؛ قاله الضَّحوك القتَّال ﷺ.

أخي يا شقيق الإسلام؛ اقرأ هذا الكلام لجَدِّك الحسن البصري.

اقرأه، ثم انظر الفرق بين منطق سلفك ومنطق كلام عامة دعاة اليوم.

اقرأه، ثم اقرأ حاشية الكلام عليه لأَشهد وإياك الحق وحقيقته.

قال: “إن لكل طريقٍ مختصَرًا، ومختصَر طريق الجنة الجهاد”، وكان الرجل إذا اشتكى إليه كثرة الذنوب؛ قال له: “اجعل بينك وبينها البحر”، يعني الغزو.

هذا منطق الفقهاء بالنفوس حقًّا، يرون الجهاد مَخرجًا للناس من ذنوبهم، وهو الذي أراد الله لهم منه قدَرًا وشرعًا.

اليوم يُعَوِّقك عن الجهاد دعاةٌ بل جماعاتٌ! يصدُّونك عنه بدعوى ذنوبك! وأنك لست أهلًا للجهاد ما دمت تعصي!

لعلك تحسب هذا رأيًا للحسن البصري رضي الله عنه، والحق أنه عقيدةٌ من عقائد القرآن والسنة لمن تدبرهما.

هاكُم هذه: “فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ”؛ يا من تريدون بيع الدنيا بالآخرة؛ جاهدوا.

إنها ليست آيةً واحدةً؛ إنه القرآن من أوله إلى آخره، يربط بين مغفرة الذنوب وبين الجهاد ربطًا وثيقًا؛ أما أوله فقوله ﷻ بسورة البقرة على لسان الرسول والمؤمنين: “وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”، وأما آخره فسورة النصر: “إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا”.

إنك لتقرأ حديث القرآن في سورة آل عمران عن الجهاد؛ فإذا آيةٌ فيه عن الغُلول في الجهاد، والغُلول: أخذُ الشيء من المغانم خِفيةً، سبحان الله! من يأخذ من مغانم الجهاد خِفيةً يا رب! إنهم بعض المجاهدين، المجاهدون القائمون بذروة سَنام الإسلام يا رب! المجاهدون الذين يهاجرون ويغتربون ويكابدون أنواع الأهوال يا رب! المجاهدون الذين يبذلون بالجهاد دماءهم وأرواحهم رخيصةً في سبيلك يا رب! أجَل هم المجاهدون؛ إنهم -وإن كانوا خير أهل الأرض قاطبةً- بشرٌ؛ يجاهدون حين يجاهدون بنفوسٍ بشريةٍ وقلوبٍ بشريةٍ وعقولٍ بشريةٍ لا ينفكُّون عنها، يزيد إيمانهم ب‍الجهاد وينقص بنوازع النفوس، ثم تُبَدِّد أوهامك عن الذنوب وحيلولتها بينك وبين الجهاد آيةٌ أخرى في حديث آل عمران نفسِه، آيةٌ يقول الله فيها لأصحاب نبيه صلى عليه ورضي عنهم: “مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا”، سادة العالمين بعد أنبيائك منهم من يريد الدنيا يا رب! أجَل هم الذين أراد بعضُهم الدنيا وقد خرجوا مع رسول الله مقاتلين في سبيل الله.

هل أتاك أن في الفقه بابًا اسمه “حكم إقامة الحدود في دار الحرب”! وبقطع النظر عن تفصيل هذه المسألة؛ فإن حَسْبك العلم باختلاف الفقهاء في الحكم بعد تصورهم لوقوع موجبات الحدود من بعض الغزاة في سبيل الله.

فأما السنة؛ فحَسْبك منها العلم بخطأ أسامة بن زيدٍ (الحِبِّ ابنِ الحِبِّ) في قتل نفسٍ بعد إسلام صاحبها، وخطأ خالد بن الوليد (سيفِ الله المسلول) في قتل جماعةٍ من الناس بعد إسلامهم؛ فماذا صنع رسول الله ﷺ! تبرأ إلى الله مما فعلا ولم يتبرأ منهما، ولم يُشَنِّع الصحابةُ عليهما، ولم يقل قائلٌ قبل الجهاد: لا يقاتِل الذين لم يتأهَّلوا للجهاد بترك المعاصي، ولا قال قائلٌ بعده: أمَا وقد عصى من المجاهدين من عصى فلا جهاد لهم تارةً أخرى؛ رضيهم الله.

تلك حقيقة الحق التي أردت من حاشيتي هذه على كلام سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه؛ الجهاد فريضةٌ على كل مسلمٍ، والمسلم لا ينفكُّ عن معصيةٍ من المعاصي جاهد أو لم يجاهد؛ بل قد يقارف المجاهد في سبيل الله كبيرةً من الكبائر، بل قد يكون ظالمًا لبعض الخلق، بل قد يكون على بدعةٍ من البدع، بل قد يَركب ناقضًا من نواقض الإسلام وهو جاهلٌ أو متأولٌ أو مخطئٌ، إنه مسلمٌ يعلم ويجهل ويصيب ويخطئ، وإن ظل مُنْمَازًا بشرف الجهاد الأمجد.

فمن قال لك: من أنت أيها المذنب -بتَركك واجبًا، أو بفِعلك محرَّمًا- لتجاهد! فقل له: أنا لأجل ذنوبي -ما ظهر منها وما بطن- أريد الجهاد؛ أريد الجهاد خلاصًا منها بمغفرة الله العامة التي وعد على الجهاد، أريد الجهاد فإما نصرٌ عسى ربي أن يجعل جزاءه توبةً منه علي، وإما شهادةٌ عسى ربي أن يغفر لي بها ما قدمت وما أخرت بأول قطرةٍ مهراقةٍ من دمي، أريد الجهاد ابتغاء رفعة ديني الذي فرَّطت في قدْره ما فرَّطت، أريد الجهاد ابتغاء عزِّ أمتي التي قصَّرت في حقوقها ما قصَّرت، أريد الجهاد جبرًا لمكسور ما بيني وبين الله.

رضي الله عن الحسن، وداوِ اللهم بالجهاد عِلَلَنا، واغفر به زَلَلَنا، وسُدَّ به خَلَلَنا.

هل أتاك حديث صنعة المجاهدين!

هل أتاك حديث صنعة المجاهدين!

صنعة الحياة بالموت؛ يُزهقون أرواحهم ليحيا العالَمون.

تلك صنعةٌ قَصَرها المنَّان عليهم، وحَصَرها فيهم، “نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَآءُ”.

أيها الراسخون في الأرض الشامخون إلى السماء؛ لو كانت الأعمار توهب لوُهِبت لأجلكم، رخيصةً لكم نفيسةً بكم؛ أنتم النافعون بالذلة الأولياء، الضَّارُّون بالعزة الأعداء، حُرَّاسُ الديار حُفَّاظُ الأعراض صُوَّانُ الأموال حُمَاةُ الدين، مَن اجتباكم ذو الجلال والإكرام ببَيْع النفوس ابتغاء رضوانه الأكبر.

ما عَسْعَس على الإسلام ليلٌ، ولا تنفَّس على المسلمين صُبحٌ؛ إلا وأنتم أرضى أهل الأرض أعمالًا، وأشبهُهم بأهل السماوات أحوالًا، أهنأُ المؤمنين في الدنيا عَيْشًا، وأحظاهم في الآخرة جزاءً، قد أمسى الفرق بينكم وبين جميع مَن عَداكم جسيمًا، “وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا”.

لولا أنتم أينما كنتم لكُنا أَرِقَّاء صاغرين؛ في علِّيِّين شِبَعُكم كما تجوعون، وعند ربكم رِيُّكم كما تظمئون، ومِن لَدُنْه أمنُكم كما تخافون، ويوم زيارته أُنْسُكم كما تستوحشون، وفي سبيله ما تُقاسون من غرائب الأهوال وتُكابدون، لقد وجدتم ربكم كما لم يجده غيرُكم فما تفقدون! وقد أفلح السائحون.

عليكم سلامُ الله الذي معناه أمانُه مُمَسِّكين بالكتاب، ورحمتُه التي خيرُها غفرانُه مزاحمين بالشرف السَّحاب، وبركاتُه التي غايتُها رضوانُه هازمين بالثبات الأحزاب، وعلى من ناصركم فأدرج نفسه في أُولي الألباب، ولِمن عاداكم وخذلكم عذابُ الخزي في الدارين والتَّباب؛ عُذْنا بالله ولُذْنا.

توقيعُ أطفالٍ قعودٍ بكم يَكبرون، مهما جهلوا من الأمور فبأقداركم عالِمون.

لا جَرَم أنها طفولةٌ في جنب حاقِّ الرجولة حتى ندرككم.

لقد أتاك حديث صنعة المجاهدين.