لوْ لمْ تُرِدْ نَيْلَ ما

لوْ لمْ تُرِدْ نَيْلَ ما أرجو وأطلبُهُ ** مِنْ جُودِ كفِّكَ ما عودتني الطلبا

يا حبيبي؛ لا يلهمك ربك استغفاره إلا مريدًا لك الغفران، فمتى ذكَّر به قلبك فليلهج به لسانك، إنها ساعة رحمةٍ، وما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا ممسك لها! كيف بخير الناس عنده: المسلمين! أم كيف بخير رحمته عنده: الغفران!

أيدعو ذو المغفرة إلى المغفرة عبدًا أغرقته الخطايا؛ ثم لا يجاب!

كن أنت! هذه كلمةٌ يقولها

كن أنت!

هذه كلمةٌ يقولها لك الإسلام؛ كما تقولها لك الجاهلية.

يريد بها الإسلام منك اطِّراح التقمُّص لغيرك، واجتناب التكلُّف في قولك وعملك، وترك التشبُّع بما لم تُعْطَ، وتريد بها الجاهلية استخراج فجورك أفكارًا وأقوالًا وأفعالًا إلى آخر مثقال ذرة حياءٍ فطريٍّ فيك، حتى إن شياطينها ليُسَمُّون الكابِتِين فجورَهم استحياءً من الخلق منافقين! ألَا نِعم هذا النفاق يا دُعَّار.

تدري حبيبي! لو أني -صانني

تدري حبيبي! لو أني -صانني ربي- فرغت من شرب خمرٍ، فوجدتك -زانك ربُّك- تدخِّن؛ سأنكر عليك لا أتردد، وما حَرُم التدخين إلا لخبثه، لكن الخمر أمُّ الخبائث.

لا طاقة لقلب محبِّ الله بإسخاط أحدٍ إيَّاه وإن غُلِب هو على ذلك، وإنَّ عبدًا يدَع إنكار منكرٍ لأنه يقارفه أو أعظمَ منه؛ قد جمع إلى خطيئته وِزرًا أشدَّ جُرمًا.

تعجبون لسبِّ الأراذل وليَّ الله

تعجبون لسبِّ الأراذل وليَّ الله الصادع بالحق: سمير بن مصطفى!

فلئن رضي عن الشيخ عبيدُ القبور والقصور أشباهُ الذكران؛ لشككنا فيه.

إنه حَنَقُ العُهر على الطُّهر.

إنه ضِيقُ الفُسُولة بالرجولة.

إنها معاداة الرذيلة للفضيلة.

اللهم ربنا احفظ علينا سخط كُهَّان الطواغيت وخِرَقِهم، وامنعنا رضاهم.

لا غَرْوَ؛ اليوم لا ثورة، ثرثرةٌ وموجُ الرِّجز عالٍ، والظاهرون فوقه كُثُرٌ.

ثلاثٌ كتبتهن في التدخين قديمًا،

ثلاثٌ كتبتهن في التدخين قديمًا، والآن جمعتهن لك هنا:

الأولى:

لعل فضائل خُلق (الإيثار) إذا أرادها أخي المدخن -سجائرَ أو شيشةً- وسعى لها سعيها وهو صادقٌ؛ أعانته على ترك التدخين أَعْجَلَ وقتٍ.

أن ينظر كيف يؤذي التدخين فؤادَي والدَيه وهم المتعشِّقان كماله في دينه ودنياه، وكيف يؤذي نفْس امرأته كلما دنا منها لا يبالي بخبث رائحة فمه وسواد لون أسنانه، وكيف يؤذي أبناءه نفوسًا وجسومًا، وأعظم من ذلك تهوين هذه المعصية في قلوبهم، وكيف يؤذي كل مخالطٍ من الناس.

فلو أنك آثرت هؤلاء المصطفَين عندك على نفسك؛ لقوي عزمك على تركه، وإذا كان أولئك المتروكُ لهم السوءُ مستحقين في نفسك تركَه؛ فكيف هو استحقاق أعظمِ متروكٍ له ومفعولٍ -جل جلاله- في قلبك!

يا حبيبي؛ ما أشق ترك التدخين لنفسك وبنفسك! ما أيسره لله وبالله! لا تدخل على المعصية تريد تركها بنفسك، بربك فادخل، ولربك.

الثانية:

رأيت المسكين وقد أخذ سيجارةً من إنسانٍ ناوله إياها ثم شكر له، فقلت له: من هذا؟ قال: صديقي، قلت له: ليس صديقًا لك من أوقد النار في صدرك حبيبي.

أخي المدخن؛ حتى يُبَغِّض العزيزُ الرحيمُ إليك الدخان؛ لا تُعِن عليه أحدًا، وما يدريك حبيبي! لعل رأفتك بغيرك أن يَضر نفسه؛ تكون سببًا لتوبة الله عليك.

ليس إحسانًا منك إلى إنسانٍ ولا منه إليك؛ تعاونُكما على شيءٍ من الإثم والعدوان، وقل لمن تحب إذا أراد منك ما لا يحب الله: إني أحب الله فلن أفعل.

إن من العصاة عصاةً إذا شهدت عليهم جوارحُهم بالآثام؛ شهدت لهم قلوبُهم بمحبة الله والرسول والإسلام؛ أولئك الذين يغيثهم بالمتاب ذو الجلال والإكرام.

ألم يكفك عونُك من باعك الدخان على معصية الله، وأن كنت في إطعام أهله المال الحرام سببًا! بربِّك فلا تزد الطين بِلَّةً والداء عِلَّةً، إني عليك لشفيقٌ.

كم تاب إلى الله مدخنون كانوا يتخايلون دخول الجمل في سَمِّ الخِياط ولا يتخايلون تركهم التدخين! إنها عزمات رجالٍ صدَقوا الله الخلاص منه فصدَقهم.

جرِّب أن تحرق ورقةً من المال في جوِّ الأرض بين يدَي مدخنٍ، سيراك سفيهًا وسينكر عليك؛ فإنك صديقي تحرق ما لا عَدَّ له من المال، وفي صدرك الغالي.

الأخيرة:

قال لي سائقٌ يومًا: أنا لا أدخن حتى أستأذن الراكب، فإن أذن لي وإلا فلا.

يا حبيبي؛ جعل الله أدبك وسيلةً إلى توبتك؛ لكن الله أولى بأدبك، وإنه لا يأذن لك بالتدخين قطُّ، فهو بامتناعك عنه لأجله أحق، ثم إن جهة الخلق ليست بجهة استئذانٍ في معصية الله، وما لم يأذن به الربُّ لم تنفعك فيه أُذون العالمين.

كيومٍ دخلت فيه مطعمًا، فقال لي عاملٌ به: تختار مكانًا يُدخن فيه أو لا؟

ما ترجمة هذه الكلمة من هذا المسكين -تاب التوابُ علي وعليه- في لسان ميزان الله إلا: تختار مكانًا يُعصى الله فيه، أو مكانًا لا يُعصى فيه؟ وإنها لَأَليمةٌ.

لو أن ربي هدى بهن حبيبًا واحدًا؛ لقد أَعظم المِنة علي.