لست ترى المكْثرين شكاية ربهم

لست ترى المكْثرين شكاية ربهم إلى الخلق في الواقع والمواقع أن لم يفعل لهم ما يريدون منه؛ إلا أقلَّ عَبيده فعلًا لما أراد هو منهم، وكأنه فعَّالٌ لما يريدون لا لما يريد! تبارك الله وتعاظم، كما لست ترى المكْثرين شكاية الناس أن ظلموهم بالتُّروك والأفعال؛ إلا أقلَّهم إحساسًا بغيرهم وإحسانًا.

ليس من وراء ذلك مع الحق وفي الخلق إلا الأَثَرَة الطاغية، الفناء في النفس، الغرق في الذات، عبادة الأنا؛ يدور أحدهم مع نفسه حيث دارت، ويميل بها أنَّى تميل، هي الميزان والمقياس والمعيار، المَرْضِي عنه من واطأه على محبوباته وإن كانت مكروهةً لله، والمغضوب عليه من لم. بالله العِياذ واللياذ.

بفطرتكم فاقضوا إنكم لعلى رَشدٍ؛

بفطرتكم فاقضوا إنكم لعلى رَشدٍ؛ قُتِل تعقيد الساسة والدًا وما ولد.

الشماتة في مصاب الروافض بداهةٌ إيمانيةٌ وضرورةٌ ولائيةٌ، ومهما يكن من فروقٍ قليلةٍ أو كثيرةٍ بين الروافض وبين حفدة القردة من جهة العقائد؛ فلسنا نرى فرقًا بينهما من حيث الحرب، بل إن عظُم فجور حفدة القردة في الحرب من وجهٍ في موقعٍ؛ عظُم فجور الروافض فيها من وجوهٍ في مواقع، والزعم بأن شماتتنا في الروافض محرِّقي المسلمين مناصرةٌ لحفدة القردة؛ بهتانٌ مبينٌ.

فأما السُّنة الذين أصابهم في لبنان ما أصاب الروافض؛ فتولاهم مولاهم في بلواهم بخير التولي، ولطَف لهم، ورفَق بهم، وبلَّغنا ثأرهم من الروافض قبل حفدة القردة، إن يكن المصاب في مسلمٍ واحدٍ هناك؛ فلعَمْر الإله إنه لجَلَلٌ.

بفطرتكم فاقضوا إنكم لعلى رَشدٍ؛ قُتِل تعقيد الساسة والدًا وما ولد.

أليس عجيبًا أن يكون بلاؤك

أليس عجيبًا أن يكون بلاؤك بسبب ذنبٍ عرَّفك الله به، ثم لا تتركه، وتُلِح في الدعاء بالعافية! يا هذا؛ لا أعظم أسبابًا للبلايا من آثامك؛ فاقطعها بتوبةٍ نصوحٍ، ذلك حقُّ الأخذ بالأسباب، فإن أبطأت بما يحب الله؛ فكيف تتعجل ما تحب أنت!

دعني وشأني، أنت لا تعرفني؛

دعني وشأني، أنت لا تعرفني؛ أنا لائقٌ بالذنوب، والذنوب لائقةٌ بي.

يا حبيبي؛ لا والله لا أدعك، لا أنت لائقٌ بالذنوب، ولا الذنوب لائقةٌ بك.

لئن لم تجتنب الخطايا لأن اجتنابها حقٌّ لله؛ فاجتنبها لأن اجتنابها حقٌّ لك.

وقل لسيئةٍ عملتها ضعيفًا: ستبقين أجنبيةً عني، لا أنا منكِ ولا أنتِ مني.

تأمل مقالات الأنبياء وأتباعهم، ثم قل مثل قولهم: ما كان لي عصيان ربي.

قال محمدٌ ﷺ: “مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي”.

وقال عيسى ﷺ: “مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍَ”.

وقال يوسف ﷺ عن نفسه وآبائه: “مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ”.

وقال شعيبٌ ﷺ والمؤمنون به: “وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَا”.

وقال أصحاب محمدٍ ﷺ ورضي عنهم: “مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا”.

ويوم القيامة يقول من عُبد من المعبودات في الدنيا على غير رضاها: “مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ”.

وهذا الله ﷻ يقول عن أنبيائه جميعًا: “وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ”.

ويقول عن رسوله ﷺ ومن آمن به واقتدى: “مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوآ أُوْلِي قُرْبَى”.

ويقول عن أصحاب نبيه ﷺ ورضي عنهم: “مَا كَانَ لِأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ ٱلْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ”.

ويقول عن المؤمنين به حقًّا: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً”.

يا حبيبي؛ مهما حدَّث الشيطانُ نفسَك أنها للآثام أهلٌ؛ فحدِّثها حديث الرحمن: ما كان لي أن أترك ما أمرني ربي به وإن تركته، ما ينبغي لي أن أفعل ما نهاني إلهي عنه وإن فعلته، ليست السيئات مني مهما قارفت منها، لم ينشرح للمعصية صدري، فإن انشرح صدري فلم يطمئن بها قبلي، فإن اطمأن قلبي فلم يسكن إليها عقلي، فإن سكن عقلي فسكونٌ زائفٌ عارضٌ أستجير ربي منه، أنا لطاعة ربي وطاعة ربي لي، لها خُلِقْت ولي شُرِعَت، لئن بعُدُت لأقتربن، ولئن فرَّطت لأستدركن، ربي توابٌ يتوب علي، وأنا توابٌ أتوب إلى ربي.

عن ملعوني الروافض محرِّقي السُّنة؛

عن ملعوني الروافض محرِّقي السُّنة؛ تسألون حمزة!

هل على متن البسيطة عارفٌ بسُنن الله؛ لم يُكَبِّره بمِنَّته تكبيرًا!

ربِّ ما استزادتك جهنم منهم؛ فزدها، سَحْتًا بأيدينا، ثم عذِّبهم بها عذابًا نُكْرًا.

إنْ حمزة إلا واحدٌ من عبادٍ لله يلعنون بلعنة الله رافضة الزمان.

اللهم عليك بالآسِين عليهم؛ خزيًا وموتاتِ ذلةٍ وثبورًا.

إصباحُ الصلاح. الحمد لله مولانا

إصباحُ الصلاح.

الحمد لله مولانا بأنه أحيانا.

هل مات الليلة من أحدٍ في الأرض كلها!

لماذا بسط الله لنا في الحياة أجلًا دون كل من ماتوا!

هل أسف من الموتى آسفٌ على إرجاء توبته، وعلى ترك ما أُمر به!

عمَّا قليلٍ يكتب مثل هذا الكلام غيري، ويقرؤه سواك.

أليس ذكاءً محضًا أن تبادر بالتوب الآن!

كم في القبور راجٍ فرصتك!

“وَقَابِلِ التَّوْبِ”.

قال: أُغلب كل حينٍ على

قال: أُغلب كل حينٍ على شهوةٍ محرمةٍ، ثم أستغفر وأتوب، ثم أعود إليها، حتى يئست من نفسي، وأيقنت أني من المُصِرِّين على الذنوب؛ فما تقول؟

يا حبيبي؛ لا يستوي عند الله تكرار الذنب، والإصرار عليه، واستحلاله.

تكرار الذنب مع التوبة منه كل مرةٍ؛ ليس إصرارًا عليه.

الإصرار عليه: تكراره مرةً بعد مرةٍ بغير توبةٍ بينهن.

استحلاله: اعتقاد حِلِّيَّته إذا كان تحريمه قطعيًّا.

من كرر ذنبه وهو يستغفر الله ويتوب منه كل مرةٍ؛ فهو وليٌّ لله.

من أصر على الذنب يكرره مرةً بعد مرةٍ بغير توبةٍ بينهن؛ فهو فاسقٌ.

من استحل ذنبًا حُرمته قطعيةٌ؛ فهو كافرٌ، وإن لم يعمل به قطُّ.

يا حبيبي؛ لا تعص الله في أمره ونهيه، وزاحم باطنك وظاهرك بالطيبات والمباحات، فإن أرادك الشيطان على فعل معصيةٍ فجاهده -مستجيرًا بالله- ألا تفعل، فإن عصمك الله منها فلم تفعلها فتلك رحمته يختص بها من يشاء، وإن غلبك هو ففعلتها فاستغفر الله وتب إليه من قريبٍ، فإن أرادك عليها ثانيةً ففعلتها فاستغفر الله وتب إليه من قريبٍ، افعل ذلك كل مرةٍ وإن تكرر ذنبك في اليوم؛ بَيْدَ أن كاره الخطايا لا يزال يتبصر أبواب الخطايا فيُوصِدها.

ما فرَّط الشيطان في غوايتك التي وعدك بها ولا ييأس؛ أفتُفَرِّط أنت في عبادتك التي وعدت الله بها وتيأس! هو باليأس أولى، أنت بالأمل أحق.

اشتقت إلى خالتي وعمتي اشتياقًا.

اشتقت إلى خالتي وعمتي اشتياقًا.

لعن الله من حال بيني وبينهما وسائرِ أهلي.

بلَّغ الله من بلَّغهما عني السلام، وفوق رأسي مِنَّتُه.

هذا، وإن الماسنجر لا يزال عاطلًا من نحو سنةٍ؛ فاغفروا لي.

لئن كنت قديمًا يائسًا من حاقِّ الوصال في الدنيا؛ فأنا اليوم به كافرٌ.

يا ربّ جنّهْ تضمّنا وكلّ الحبايبْ ** أحلى الوصالْ للخُلدِ في حُضنِ اللي غايبْ

أين فلانٌ؟ – بعُد عن

أين فلانٌ؟

– بعُد عن الله كثيرًا.

لا أسألك: كيف هو؟ أسألك: أين؟

– بعُد؛ فبعُدت عنه.

ويحك! من علَّمك هذا! أخوك أحوج إليك بعيدًا؛ كيف هو نبِّئني؟

– رجع إلى صحبة السوء القديمة.

وما الجديد هنا! لا بد للإنسان من عادته، ولا بد للشيطان من سُنته، عادة الإنسان بحثُه -واعيًا وغير واعٍ- عن مجالٍ لإشباع حاجاته الباطنة والظاهرة، فلما فقد أخوك مجالكم -بتفريطٍ منه أو منكم- هرول إليه الشيطان بسُنته.

“بلَغني أن صاحبك قد جفاك، ولستَ بدار مَضْيعةٍ ولا هوانٍ؛ فالحَقْ بنا نُوَاسِك”؛ هل طرق سمعَك هذا القولُ يومًا! فإنها رسالةٌ بعث بها ملك غسَّان إلى سيدنا كعب بن مالكٍ -رضي الله عنه- لما هجره المسلمون بأمرٍ من الله ورسوله ﷺ بعد تخلُّفه عن غزوة تبوك، فتنةٌ لا يحيط بهَوْلِها خُبْرًا إلا الله.

كذلك يمكر الشيطان دُبُرَ كل جفوةٍ بين المؤمنين؛ يَبعُد أحدنا عن الأبرار فيُقرِّب الشيطانُ منه الفجار، يُذَكِّره بهم ويُذَكِّرهم به، يُجَمِّل الأخبثين في نفسه -وهي وقتئذٍ ذاتُ وَهَنٍ مكينٍ- إذ يُقَبِّح الأطيبين، فتجتمع عليه أسباب الخذلان.

– لستُ على حَمل نفسي قادرًا؛ فأنَّى لي حَمل أخي!

ألم تعلم أنك إن حملت أخاك بقدرتك؛ حملك الله بقدرته! وأين قدرتك من قدرته! ولست عليه بأكرمَ من الله عليك؛ أفتسارع في إنقاذ أخيك من أسباب غضب الله؛ ولا يسارع الله في إنقاذك بأسباب رضوانه وهو الأحمد الأشكر! لقد أتانا عن الله أن شَطْر معاملته عبادَه في الدارين؛ معقودٌ بنوع ما بينهم من معاملةٍ، فإنا إذا صدَّقناك كذَّبنا الله؛ “هَلْ جَزَآءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ”!

– فبيِّن لي ما وراء عجزي عن عون أخي من أسبابٍ.

لعلك ضعيف التزود من الطيبات التي هي مراكب الأحمال في السَّير إلى الله، أو أن إخلاص قصدك في دعوته كان ناقصًا، أو أنه فاتك من دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة قليلٌ أو كثيرٌ، أو أنك لم تكن بنفس أخيك خبيرًا فأخطأت خطابه، أو أن الله لم يَقْدُرْك في هداه سببًا فما أنت فيه بملومٍ.

– ألم يكن بُعد أخي عن الله ببعض ما كسبت يداه!

عملُه السبب الأول، وعليه أصالةً المُعَوَّل؛ لكن لعلي وإياك في بعض هذا أسبابٌ، وليس المقصود التثريب عليك ولا وضْع اللائمة عنه؛ لكني وَجِلٌ على نفسي وإياك غدًا في صورة صاحبنا اليوم، وإنما سُمِّي القلب قلبًا من تقلُّبه، فالصورة ردُّه إلى الله، والحقيقة تثبيت أقدامنا نحن، ومن يأمن!

لا تنسَ أخاكْ ** ترعاهُ يداكْ

أخوك أحوج إليك عاصيًا من حاجته إليك طائعًا، وأنت أحوج إليه غدًا من حاجته إليك اليوم؛ فإن القلوب ضعيفةٌ والفتن خطَّافةٌ، ولعلك أن تبعُد ببعض ما كسبت يداك عمَّا قليلٍ فيَعدمك اللهُ مغيثًا، عِياذًا برحمته ولِياذًا.

“وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ”.

ربِّ هذا نداؤك أبويَّ بعد عصيانهما وأنت الغني عنهما؛ كيف لم أفعل هذا بأخي بعد عصيانك ولا غنى لي عنه!

نادُوا على العصاة -رُؤَفَاءَ رُحَمَاءَ- كما نادى الله أبوَيكم، وعاتبوهم في الله -رافقِين مشفقِين- كما عاتبهما الله.

من أرشد العصاة -حيارى- أرشده الله، ومن أعانهم -عجزةً- أعانه الله، والصادق إذا ضعُفت أسبابه في (الدعوة)؛ تقوَّى عليها بسبب الأسباب (الدعاء).

“وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ”.

كان هذا يوم أُحُدٍ، جعل نبي الإله ﷺ يناديهم من خلفهم -وإن قلبه ليَفيض حرصًا عليهم-: “إليَّ عبادَ الله ارجعوا، إليَّ عبادَ الله ارجعوا”.

يا محب رسول الله؛ أحسن تصوُّر سيد الثقلين ماشيًا خلف أصحابه -متفرقين- وحاله حالٌ، يناديهم إلى رضوان الله أن يجتمعوا على سببه الأكبر، وليس له بهم حاجةٌ، إلا رحمةَ فؤاده الرائف، يحاذر عليهم فَوَات الجنة.

يا ورثة أنفاس نبي الله ﷺ، ولقد كان أوسع من عَرض الأرض صدرًا للعالمين؛ أقبلوا بقلوبكم على المدبرين، وأضيئوا من نفوسكم للشاردين، وعاملوا المذنبين بما تحبون أن تُعامَلوا به مذنبين؛ لا جَرَم أنا مساكين.

– لأسيرن خلف أخي على وجهي لا على قدمي، أستغفر الله ثم أخي.