لا يفتي بجواز تهنئة النصارى

لا يفتي بجواز تهنئة النصارى على يوم الكفر الأكبر والشرك الأعظم! إلا امرؤٌ وَسِخٌ مهزومٌ، مجروح العقيدة والشرف؛ وإنْ طالت لحيته إلى سرته، وقصُر قميصه إلى ركبته.

ألَا من أراد لطفًا بنصرانيٍّ يحب له الخير؛ فليزحزحه عن جهنم -التي لو مات خُلِّدَ فيها- إلى الجنة؛ بدعوته إلى الإسلام؛ ذلك -واللهِ الحَكَمِ الحقِّ- حقُّ الرفق بالمشركين.

إن مهمتك التي ابتعثك الله لأجلها هي إخراج الكافرين من الكفر إلى الإسلام؛ لا أن تفتنهم في دينهم بتثبيتهم عليه؛ “رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا”، صدق الله وكذب الدجالون.

من “دعوة الكفار إلى دين الإسلام”، إلى “دعوة المسلمين إلى العمل بالإسلام”، إلى “دعوة شيوخٍ للمسلمين إلى معرفة الإسلام”، والله الأعلم ما يأتي من الأهوال بعد ذلك؛ غوثك اللهمَّ.

“وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا”.

من “سعة الأفق ورحابة الفكر والتعايش”، إلى “الإنسانية والمواطنة وقبول الآخر”، إلى “نحن نكتب بقلمٍ رصاصٍ رعايةً لمَمْحاة الآخرين”؛ لا أحسب أن دين السهوكة -هذا اللزجَ البغيضَ- خطر على بال إبليس يوم قال لرب العالمين: “لَأُغْوِيَنَّهمْ”، أفٍّ وتفٍّ على الجُناة على التوحيد والولاء والبراء، لقد كدنا نترحم على (ذكور) الضالين الأُول؛ أخزاهم الله والآخرين، وسلَّمنا من مضلات الفتن.

تراني شديدًا على النصارى! فإن أخاك -بحول الله وقوته- لا يحصي كم دعا منهم إلى الإسلام؛ حتى السائق أركب معه فأوفِّي حق صحبته -ساعةً- بذلك، برأفةٍ ورحمةٍ والمنة لله.

إلهَنا الواحدَ الأحدَ الصمدَ؛ أنقذ بنا من النار من حوالينا من المشركين، وثبت قلوبنا على الإسلام.

“ذاك يومٌ كله لطلحة”؛ كان

“ذاك يومٌ كله لطلحة”؛ كان الصدِّيق -رضي الله عنه- كلما ذُكر يومُ أحدٍ قالها.

نحن -كلَّ نداء جمعةٍ- نقول: هذا يومٌ كله لكشكٍ؛ وليُّ الله حبيبُ بيوته؛ طابت روحه.

لعل قبضَ اللهِ روحَك سيدي -يوم الجمعة- ساجدًا قبل شهودها؛ شهادةٌ منه -جلَّ جلاله- بذلك.

هنا مدرسة محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ الجالس معنا فيها يجب أن يقدم التحية العاطرة المباركة للحبيب محمدٍ، وتحيتنا إليك -يا سيدي يا أبا القاسم يا رسول الله- هي الصلاة والسلام عليك.

“لم يُفد الشيخُ جماهيرَه علمًا كثيرًا”؛ كذلك قال الذين لا يعرفون العلم إلا حفظًا للمتون وإنْ على هُونٍ، وأخذًا للشروح وإنْ من مطروحٍ، وتحريرًا للحواشي ما دمتَ تُماشي؛ لو كانوا يتعلمون.

لقد أفاد الشيخ -وحده- جماهيره ما لم تفده جمهرةُ مشايخَ ومشيوخاءَ واحدًا؛ علمًا بالله الذي هو خشيته -ملكًا حقًّا- من دون كل ملكٍ، وغيرةً على حرمات الإسلام أن تُطال حدودُها، وصدعًا بمرِّ الحق دون جَمْجَمَةٍ أو ادِّهَانٍ؛ وتلك سماوات العلم؛ لو قلَّبوا وجوههم فيها يبغونها؛ لولَّاهم الله قبلةً يرضونها.

لم يلقِّن الشيخ عامة الناس خاصَّ العلوم؛ لكنه ملأ قلوبهم فقهًا بغاياتها؛ عرَّفهم أن حق العلم بربهم إفراده بالحاكمية على خلقه، وأن حق العلم بنبيهم إفراده بالاتباع من دون كل إمامٍ، وأن حق العلم بالإسلام إفراده بالفوقية على كل شريعةٍ وضعيةٍ؛ يسرًا على يسرٍ كل ذلك، قَعَدَ المتقعِّرون.

ولئن حفظ الله -عزَّ ثناؤه- به في الصدور عقائد للإسلام وشرائع؛ فقد حفظ له في السطور تفسيرَه الكريم كتابَه المجيد، مع ما أفاض -بفضله- عليه في بيانهما من (فحولةٍ وسهولةٍ) فيضًا عجبًا.

أقام الله به الحجة على كل مداهنٍ خوَّارٍ سببًا، وجعله بين لاحقيه وسابقيه في الحق نسبًا، وحفظ بسبيله عروة الحماسة أن تُنقض، وبارك ببضاعته سوق الحمية أن يَنفضَّ.

“الحمد لله؛ لم يأمر الخطيب اليوم بمنكرٍ، ولم ينه عن معروفٍ”؛ أفلح من وجد لها اليوم موضعًا، وعمَّا قليلٍ -ما رتع الطاغوت- نقول: “لم يأمر الخطيب بكفرٍ، ولم ينه عن إيمانٍ”.

كان -شكرَه الله- غصةً في حلوق الطاغين، وشوكةً في لَهَوات الفاجرين، يَحذرون -حين لا يَحذرون بأس الله- بأس بيانه على رؤوس الناس؛ فتطير حروفه بالعار فيهم كل مطارٍ.

أما تمزيقه عمائم الرجس البيضاء -إلا في عينٍ كشف الله غطاها فسوداءَ تراها- فالليل والنهار خِلْفَةً يشهدان؛ كان يصرخ فيهم فيسمعه كل شيءٍ إلا هُم، “وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ”.

يا معشرَ العلماءِ يا ملحَ البلدْ ** ما يُصلحُ الملحَ إذا الملحُ فسدْ

رقى منبره -بعد الثورة- شيخٌ يشير إليه العميان بالبنان؛ فاجتاحت نفسي نخوةٌ على المقام المهيب، وقلت نحو قول أبي جهلٍ في شيخ جهالةٍ: لقد ارتقيتَ مرتقىً صعبًا يا خويدم الطاغوت.

“الذين يغضبون لمحارمي إذا استُحِلَّت؛ كما يغضب النمر إذا حَرِبَ”؛ وعدهم الله -كما بلَّغ رسوله- بنصيبٍ من ظلِّه يوم الحرور، فأما الباردة دماؤهم بطول الرُّقاد في فُرُش الجبارين، الذين حُمِّلوا أوزارًا من لُعَاعَات الجاهلية الدنيا؛ فبصراء!! آثروا ظلال الزقوم على ظلال طُوبى، وأما الشيخ الفاقه البصير فعَجِل إلى الله ليرضى؛ لا يستويان -ما لم تستو الظلمات والنور- ولا يلتقيان.

لم يخطر على قلبي حديثٌ عن الإمام، صان الله المقام عن عبث الغلام؛ لكنه حرفٌ تكلم به يومُ الجمعة وفاءً لشيخها، في صمت نفوسٍ تضيق -كل أسبوعٍ- بضجيج الأقزام ذرعًا؛ إلى الله المشتكى.

ضراعاتنا في الشيخ المبجَّل -يوم الجمعة المعظَّم- أن يهبه ذو الجلال والإكرام -من لدنه- ثلاثًا؛ لسانَ صدقٍ في الآخرين كما قَسَمَ له -سبحانه- من لسان الصدق، وعلوًّا في مدارج الفردوس كما أعلى -تعالى- كعبَه بالحق، ثم افتح -ربَّنا- على نور وجهك الكريم عينَه التي أعميتها عن دنايا الخلق.

أيها السادة الأعزاء؛ من الغني؟ من الولي؟ من العلي؟ من القوي؟ من الواحد؟ وحِّدوا الواحد.

المحمودُ اللهُ جلَّ جلالُه، والمصلَّى

المحمودُ اللهُ جلَّ جلالُه، والمصلَّى عليه محمدٌ وآلُه، وبعد.

يليق بالأسير (إذا طالت مدته) أن يخيِّر امرأته -بفقهٍ ولطفٍ- بين البقاء وبين المفارقة، وأولى منه بذلك العاقد الذي لم يدخل بامرأته، وأولى منهما الخاطب فحسبُ؛ فمن فعل فليحسن النبلاء الظن به.

فإن عرضت امرأةٌ على أسيرها فراقها -تلميحًا أو تصريحًا- فليجبها إليه، غير ملومةٍ ولا مذمومةٍ، وليتشاورا في الأمر -بحكمةٍ وأناةٍ- ما قدَرا، وليشركا فيه أهليهما -على الرَّشد والتسديد- ما استطاعا؛ فإن جعلت بينه وبينها -فيه- بعض أهليهما؛ فليتعقَّل ذلك، وليسهِّل لها إلى ما اضطُّرت إليه طريقًا.

أما القادرون على الصبر من الرجال والنساء؛ فحمد الله لهم وشكر، وأثابهم من لدنه جزاءً كريمًا.

لعن الله الكفرة الفجرة الذين أحوجوا -بطَغواهم- عباده المؤمنين إلى مثل ذلك، وأعدَّ لهم وأمكن منهم، وجبر كسور أسرانا وأهليهم، وربط على قلوبهم ليكونوا من الموقنين، وسكَّن وَلْهَانَهم، وأغاث لَهْفَانَهم، وأخلف عليهم في كل ما يفقدون -من نفسٍ وحسٍّ- خيرًا عظيمًا، وإن من بعد سواد الليل لصبحًا.

المواعظ ضيوف الرَّحمن؛ طوبى لمن

المواعظ ضيوف الرَّحمن؛ طوبى لمن أحسن ضيافتها.

تأملْ سطورَ الكائناتِ فإنها ** منَ الملكِ الأعلى إليكَ رسائلُ

وقدْ خَطَّ فيها لوْ تأملتَ نقشَها ** ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ

ما أتاك من مواعظ الله في يقظةٍ؛ فاقدره قدره؛ آيةٌ من آياته يُسمعُكَها، قدرٌ من أقداره -تعالى- في نفسك أو في غيرك، حتى العُطاس يشاؤه الله -رؤوفًا رحيمًا- وأنت تعصيه؛ موعظةٌ من مواعظه سبحانه، تقول لك: احمد الله؛ احمد الله على قوتك فلا تعص الله بها، احمد الله على عافيتك وخذ منها لبلائك.

وما أتاك من مواعظ الله -جلَّ جلاله- في منامٍ؛ فأنزله منزلته؛ “الرؤيا” من الله -مبشِّرةً أو منذرةً- موعظةٌ من الله تشكر لك قربك منه فتستزيد، “الحُلم” من الشيطان موعظةٌ من الله تذكرك بعدك عنه فتقترب، “حديث النفس” موعظةٌ من الله تكشف لك شيئًا ما بقلبك -وإنه لمحلُّ نظر الله- فتراجعه.

ألا إن من أحسن ضيافة مواعظ الله؛ والاه بأخواتها، ومن لم يفعل فليستدرك بالله؛ إنه غفورٌ شكورٌ.

لعل أكثرنا يحسب أن سيادة

لعل أكثرنا يحسب أن سيادة الأئمة في الناس وحظوتهم عند ربِّ الناس؛ كانت لراسخ علمهم فحسبُ؛ والحق أن هذا سببٌ كبيرٌ من أسباب تلك الرِّفعة العليَّة؛ لكنَّ شيئًا عظيمًا بين يدي ذلك بلغ بهم؛ ما علِم الله في قلوبهم من “الذلة للحق والإشفاق على الخلق”، وهما حق العبودية وحقيقتها.

هذا فردٌ منهم، إمامنا المبجَّل أحمد رضي الله عنه؛ طبَّق علمُه الأرضَ وبلغ صبرُه السماءَ؛ لكنَّ أمرًا شريفًا علِمه الله منه فرقَّاه به في مدارج الكرامة؛ حظُّ قلبه الأوفى من تلكم العبادة.

لا يتسع مقامٌ لذكر روائع آثاره في هذا الباب الكريم؛ لكنْ حسبُنا إيراد هذين الخبرين عنه رحمه الله؛ كان يدعو في سجوده دعاءً عجبًا، لا يفتح بمثله إلا الله في ساعة رضًا جليلةٍ من لدنه؛ “اللهمَّ من كان من هذه الأمة على غير الحق، وهو يظن أنه على الحق؛ فردَّه إلى الحق؛ ليكون من أهل الحق”، وأشدُّ منه عجبًا دعاؤه هذا؛ “اللهمَّ إن قبلتَ عن عصاة أمة محمدٍ فداءً؛ فاجعلني فداءً لهم”.

بأول تعليقٍ صورةٌ بديعةٌ لسيدٍ ماجدٍ آخر من سادات القوم؛ عرَّفنا الله أقدارهم، وبلَّغنا جوارهم.

مساؤكم سكينةٌ بوعيد ربِّكم في

مساؤكم سكينةٌ بوعيد ربِّكم في أعدائكم.

ذلكم الله حين يواسي نبيه، والذين آمنوا معه.

نعوذ بك اللهمَّ؛ أن تجمعنا وعدوَّك في دار عذابك.

“فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا”.

يحشر الله -جلَّ جلاله- الطغاة أجمعين غضبان عليهم، حسبُهم من العقوبة غضبُه؛ لا شيء يعدِله من جُمَلِ العذاب جميعًا، وإن حشرهم ذلك لمع الشياطين، أولئك الذين كانوا -في الحياة الدنيا- كبراءهم وشركاءهم، ثم يُحضرهم -عزيزًا جبَّارًا- حول نزَّاعة الشَّوى جاثين على ركبهم، ويا للإرعاب العظيم! وهم -في كل ذلك- شيعٌ ليسوا سواءً؛ كما أنهم لم يكونوا -في الكفر والطغيان- سواءً، ثم ينزع ذو الانتقام -بعد ذلك- العُتاة المَرَدَة من كل طائفةٍ، وكفى بفعل النزع مضافًا إلى نفس الله -علا وتعالى- خلعًا للأفئدة! ويهُولُك اسم الرَّحمن -هنا- هَوْلًا عجبًا! ما موقعه في سياقه؟! إن ذلكم الله الذي يعذب هؤلاء المجرمين هذا العذاب البئيس هو هو الرَّحمن عزَّ ثناؤه، وإن أولئك البعداء البغضاء هم الذين أوجبوا لأنفسهم هذا العقاب الأليم، ثم يواسي الله -تقدَّس وتبارك- المؤمنين بنفسه مواساةً لطيفةً في قوله: “عَلَى الرَّحْمَنِ”؛ إن عُتُوَّ هؤلاء الأوباش كان عليه هو -سبحانه وبحمده- قبل أن يكون عليهم؛ فأي مواساةٍ لهم فوق هذه؟! ثم يتم الله شفاء صدور عباده بقوله -حَكَمًا حقًّا-: “ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا”؛ إن حظوظ أرواح وأجساد هؤلاء المعذَّبين من تنكيل جهنم ليست سواءً؛ بل لكل امرئٍ منهم فيها نصيبٌ مكافئٌ، يقدُره الله بقدْر جرائمهم عليمًا خبيرًا، “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”.

رضينا ربنا وعيدك؛ كما رضينا وعدك.

أولم أقل لكم: ليست داركم هذه بدار حسابٍ؟

ألا قائلٌ منكم: آمنت بالله ديَّانًا، وكفى بالله حسيبًا؟

صباح هدايا شيخ الإسلام: –

صباح هدايا شيخ الإسلام:

– الجهل والظلم مبدأ الفتن والشرور.

– إن للقلوب من التأثير أكثر مما للأجساد.

– الأهواء والجهل تجعل المؤمنين ألوانًا وأحزابًا.

– الصدق في الإيمان لا يكون إلا بالجهاد في سبيل الله.

– الإنسان لا يبغي على من يحبه، وإنما يبغي على من يبغضه.

– الأمة الوسط تصدق بالحق الموجود، وتؤمن بالإله الواحد المعبود.

– لا أنفع للقلب من التوحيد وإخلاص الدين لله، ولا أضر عليه من الإشراك.

– الشيطان يكثر تعرضه للعبد؛ إذا أراد الإنابة إلى ربه والتقرب إليه والاتصال به.

– كل ذي مقالةٍ فلا بد أن تكون في مقالته شبهةٌ من الحق؛ ولولا ذلك لما راجت واشتبهت.

– ومن بطر الحق فجحده؛ فإنه يضطر إلى أن يقر بالباطل، ومن غمط الناس فاحتقرهم وازدراهم بغير حقٍّ؛ فإنه يضطر إلى أن يعظم آخرين بالباطل، وهذا من الشرك.

ربَّنا البرَّ الشكور؛ اجز عبدك ابن تيمية عن دينك وعنا خير الجزاء، واجمعنا به في جوارك الكريم.

“وأرنا مناسكنا” إن للشيطان في

“وأرنا مناسكنا”
إن للشيطان في كل طاعة نهشة
“انت مبتصليش ليه” تبقى كافر
الحلم على الزوجة
إني لأستحي للنساء
القلب (الرقة والصفاء والصلابة)
لا تستهن بشأن من تتابع هنا من صفحات فإنها تخسف مع الوقت والكثرة بنفسك وتزري بعقلك
مثل القائم على حدود الله (جوانيات الحديث وجمع رواياته)
في النفس من كبر فرعون
الجاهلية .. الطاغوت .. الكفر .. الشرك .. البدعة .. الضلال .. الظلم .. الفسق .. الزنا .. اللواط ..
التربية بالمزاج
حديث الخيل العربي
ضرورة توصيف العدو الداخلي .. ليس رفاهية .. لئلا يبقى التفريق بين المستعمر الأجنبي والمستبد الداخلي
إقامة الدين بعيدا عن الطواغيت
زكاة الجاه
حكمة النبي عليه السلام
ابن السمَّاك: “اللهم إني آمر بطاعتك وربما قصرت، وأنهى عن معصيتك وربما اقترفت، وقد تعلم إني إنما أدور على أن أعظمك في صدور خلقك؛ فارحمني بذلك يا أرحم الراحمين”.
“ولقد جلست يومًا، فرأيت حولي أكثر من عشرة آلافٍ، ما فيهم إلا من قد رقَّ قلبه، أو دمعت عينه، فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكتُ؟! فصحتُ بلسان وجدي: إلهي وسيدي؛ إن قضيت عليَّ بالعذاب غدًا؛ فلا تعلمهم بعذابي؛ صيانة لكرمك، لا لأجلي، لئلا يقولوا: عذب من دلَّ عليه. إلهي؛ قد قيل لنبيك -صلى الله عليه وسلم-: اقتل ابن أُبَيٍّ المنافق، فقال: “لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”، إلهي؛ فاحفظ حسن عقائدهم فيَّ بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك؛ حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي”.
“إلهي؛ طالما اجتذبتُ العصاة بعد أن تهافتوا في النار؛ أفينجون منها وأرِدُها؟! سيدي؛ إن لم أصلح للرضا؛ فالعفْو العفْو”.
روى الطبراني من حديث أَبِي طَوِيلٍ شَطَبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً إِلَّا أَتَاهَا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: «فَهَلْ أَسْلَمْتَ؟» قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: «نَعَمْ، تَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ، وَتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلُهُنَّ اللهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ»، قَالَ: وَغَدَرَاتِي وَفَجَرَاتِي؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى.
قال سعيد بن المسيب: إن الدنيا نذلة وهي إلى كل نذل أميل وأنذل منها مَن أخذها بغير حقها وطلبها بغير وجهها ووضعها في غير سبيلها
مسلم .. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة , فقال: ” يا أيها الناس , إن الله تعالى يعرض بالخمر , ولعل الله سينزل فيها أمرا , فمن كان عنده منها شيء , فليبعه ولينتفع به ” , قال: فما لبثنا إلا يسيرا , حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله تعالى حرم الخمر , فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء , فلا يشرب , ولا يبع ” , قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة , فسفكوها.
خالد بن الوليد يقول – رضي الله عنه -: ما ليلة تُهدى إلي فيها عروس، أنا لها محب مشتاق، أحب إليّ من ليلة شديد قرّها – يعني: بردها – كثير مطرها، أصبّح فيها العدو فأقاتلهم في سبيل الله
“من بات فوق بيت ليس له إجار فوقع فمات فقد برئت منه الذمة، ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة”

وأرجو التداني منكِ يا ابنةَ

وأرجو التداني منكِ يا ابنةَ مالكٍ ** ودونَ التداني نارُ حربٍ تضرَّمُ

راجعتِ “قاموس الحب والحرب” -حبيبتي- كما ناشدتكِ مرارًا؟ أقدُر حزنكِ لرحيلي؛ لكن لا بد.

المدُّ والجزْر، الظَّفر والهزيمة، نُدوب الهوى وجراحات القتال، دقات القلب ودقات طبول المعارك، غرام الفؤاد وغمرات الجهاد، الخوف والأمان، البَوْحُ والكتمان، الهياج والسكون، مشارع الأشواق ومصارع العشاق، الهيمنة وطرائقها؛ كلها في “معجم لسان الفطرة” سواءٌ.

العاشق تتدفق دماؤه في عروقه، والشهيد تنفجر دماؤه منها، فإذا قضى الله موت حبيبكِ شهيدًا فقد جُعل حظُّ دمي -على هذه الأرض- الفوران، لا ضير؛ حدثني أبي أن سكَّان الفردوس الأعلى إذا زاروا ربهم -جلَّ جلاله- فرأوا وجهه الكريم؛ رجعوا إلى منازلهم وقد سكن فيهم كل شيءٍ.

دجَّالون هم حبيبتي؛ أولئك الذي يعزلون الحب -في ثرثرتهم- عن الحرب؛ يصونونه عن قبائحها زعموا، هل الحرب -في شِرعةٍ مقدَّسةٍ- إلا سيف السماء يحامي عن بقايا الجمال في الأرض؟

في فتيةٍ منْ كُماةِ الدِّينِ ما تركَتْ ** للرَّعدِ كَرَّاتُهمْ صوتًا ولا صِيتا

قومٌ إذا قوبلوا كانوا ملائكةً ** حُسْنًا وإنْ قوتلوا كانوا عفاريتا

ويحكِ! تغارين من جاريةٍ! لم تكن “صوفيا” التي رأيتِ صورتها معي إلا جاريةً، أهدانيها صديقٌ بعد غزوةٍ مباركةٍ في قازان من أرض الرُّوس، ومثله لا تُردُّ هبتُه؛ كما أن مثلكِ لا ينازَع موقعُه، أنتِ أنتِ، لعل حبيبكِ إذا انتصر -فلم يقضِ نحْبَه- عاد بها إليكِ فكانت إحدى وصيفاتكِ.

“الفلفل الأسود علاجٌ لكثافة شعركِ سيدتي”؛ قرأتها على علبةٍ فوق رفِّ مرآتكِ ذات مساءٍ قريبٍ، من قال أني أريد شعركِ مرسلًا؟ أحبه كثيفًا؛ إنه -في فلسفة حبيبكِ- يشير إلى طبيعة هذه الحياة، ثم إني غير واثقٍ به دواءً لهذا؛ بَيْدَ أني على يقينٍ من دوره في صناعة بعض المتفجرات اليدوية.

لم أقرأ قصائد توماس هاردي الثلاثة في الحرب، ولا أنوي الإصغاء إلى قصيدة كريستينا روستي “الحب لا يعرف الألغام”؛ ذلك بأني مكذِّبٌ فؤاديهما جميعًا؛ لكني أحفظ “أرملة الشهيد تهدهد طفلها”؛ حين يهدر في ثناياها -بكل كآبةٍ خلَّاقةٍ- صدُوق الحرية هاشم الرفاعي، يقول -تقبله الله شهيدًا-:

فإذا عرفتَ جريمةَ الجاني وما اقترفتْ يداهْ

فانثرْ على قبري وقبرِ أبيكَ شيئًا منْ دماهْ

لم تذبل وردةٌ أهديتنيها ذات تنزهٍ في حديقةٍ فقيرةٍ إبَّان كنت مطارَدًا؛ فاليوم أعدُكِ بمروحيَّةٍ تتنزهين بها في سماء سيناء، ثم أخرى أغلى وأحلى وأعلى؛ شجرة زيتونٍ في طور سينين؛ لا لجمال الزيتون في سفح الجبل؛ لكنْ لتجلِّي ذي الجلال يومًا عليه؛ كما وعد رسولُ الله سراقةَ سِوارَيْ كسرى.

يا حبيبتي؛ عزيزٌ على نفسي عتابكِ يوم الرحيل ضحىً؛ “لم تصلكَ فتوى الشيخ بعدُ أن تخرج إلى الجهاد؛ فلم تصرُّ عليه؟”؛ لقد سبقتْ يومَها إلى قلب حبيبكِ فتوى الله؛ “إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ”، وقد وعيت عن أمي صغيرًا: يا بني؛ إذا اضطربت الفتاوى لغلبة الأهواء، وضللتَ عن الحق في غيابات الآراء؛ فكفى بالله مفتيًا؛ “يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ”.

“فضل الجهاد لمن سكن مصر من بائسي العباد”؛ عنوان كُتيِّبٍ تركت أوراقه مبعثرةً -على مكتبي- قبل السفر بثلاثٍ، لملميها -حبيبتي- وانشريه -بحثًا مُثَوِّرًا- على الشبكة في كل موقعٍ تبلغين؛ عسى أن يكونوا في ميزانكِ ثقلًا أولئك الذين سيقرءون فيفعلون، لا أحضُّ -في حروفه- بؤساء “المحروسة” على الجهاد لنفسه؛ بل لضرورته لهم مَخرجًا من الموت إلى الحياة.

تقولين: نسيتَني! ليس في هذه -بعد مألوف حبكِ العنيف- شيءٌ حسنٌ؛ إلا ما هان بها من ألم شظيةٍ أصابت عضُدي البارحة، أنساكِ! أنا -يا حبيبة- لولا تمرين قدميَّ على أن تخطئا طريقهما نحو ظلِّكِ؛ ما قدَرَتا على خطوتين بعيدًا عن شخصكِ، رجوتكِ؛ ازفري وجعكِ ما شئتِ؛ لكن بغير “نسيتَني”.

رعدٌ وبرقٌ ومطرٌ ونارٌ وبردٌ ودفءٌ؛ مجتمعةٌ كلُّ دواهي الشتاء في عتمتي هذه؛ ريحًا قاصفةً تجتاح جوانجي، الآن أفهم -يا حبيبتي- أن الشتاء ليس زمانًا؛ الشتاء مكانٌ سحيقٌ في أعماقنا، إنما فِعْلُ الزمان فيه أن يستخرجه منا وحسبُ؛ فتُهتك أستارُنا، ونكون على هذه الرَّجفة الشديدة من الحب.

ولقدْ ذكرتكِ والرِّماحُ نواهلٌ ** منِّي وبيضُ الهندِ تقطرُ منْ دمي

إنما الحب في الأهوال، لم أذق طعم الحب في رخاءٍ فأشهد له، وقديمًا كنت أذكركِ في أحلك ساعات تعذيبي فأُواسَى كثيرًا، أوَّه! لم تُبق رعشة الفؤاد لرعشة أطرافي من زمهرير هذا الليل شيئًا.

إِنَّ العيونَ التي في طرفها حَوَرٌ ** قتلننا ثمَّ لمْ يُحيينَ قتلانا

يصرَعنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حَرَاكَ بهِ ** وهُنَّ أضعفُ خلقِ اللهِ أركانا

غدا كل مجاهدٍ يبرأ إلى الله من بيتي جريرٍ هذين؛ إلا أنا؛ أنا من صرعته بحقٍّ عيناكِ؛ غير أني جعلت موضع مصرعي حيث غايته، وغايته وضع الآصار عنكِ وعن قومكِ فداءً لعينيكِ، لقد برزتُ إلى فرعون برسالةٍ من موسى لا أعرف ما بها؛ غير أن ظرفها منقوشٌ عليه؛ “أَنْ أَدُّوآ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ”.

“ابنُ الوَسِخَة”؛ تمامًا كما تقرأينها، لم يفقد لسانُ حبيبكِ عفَّته؛ كيف وأنا أكتب إليكِ من مصلَّاي في كهفي؟ لكن ما حيلتي والزَّنيم لا يُعرفُ إلا به؟ “والحرُّ ممتحَنٌ بأولاد الزنا”، أثابه الله عنا خيرًا عظيمًا إذ جعل القدس عاصمةً لليهود؛ لقد كادت -في أجيالٍ صاعدةٍ نازلةٍ- أن تكون نسيًا منسيًّا؛ فاليوم يبعثها الله في قلوبنا بعثًا جديدًا، دُحُورًا -يا ابن اللخناء وخنثاك في مصر- ولكم عذابٌ واصبٌ.

“متن أبي شجاعٍ”؛ قرِّي عينًا؛ بقيتْ لحبيبكِ من حفظه فقرتان، وذا شرحٌ ثالثٌ له بين يدي، أُراوح بين مطالعته وبين تدريبٍ على “الدوشكا” عسيرٍ، خاب المقتسمون؛ إما متفقهٌ وإما مقاتلٌ! أولم يكن أبو شجاعٍ قاضيًا أولَ حياته ناسكًا آخرَها فقيهًا بينهما؟ ويلي! كيف أُنسيت حاشية شيخ الثوار الشهيد “عماد عفت” أدرسُها؟ ولم يزل يُطرفني لذيذُ تشغيبكِ على مذاكرتي في “واتساب” أيامَ عقدنا؛ إذ تقولين: لا أنهي المحادثة وأدعك حتى تجيبني؛ من وصل “ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ”؟

أبو شجاعٍ عمادًا في تعفُّفهِ ** أمْ شيخُ ثورتنا قدْ طالَ بالشَّجَعِ

تكتبين: ديارنا! ما علمت ديارنا صالحةً للحب يومًا؛ أليست هي الديار التي يقول حكماؤها!: “إن الجدار له أذنٌ”؟ فلقد تعلمين حبيبكِ؛ لا يناسبه قطُّ ذلك النوع من الحب الهزيل؛ فأيُّ ديارٍ؟!

أنا لنْ ألينَ ولنْ أخونْ ** ولنْ أُغادرَ رَكْبَها

أنا لنْ أُهادنَ منْ بغوا ** يومًا على أبرارها

“سمك السردين”؛ تصدِّقين أني ما شبعت بعده مرةً واحدةً؟ كيف طهوتيه يومئذٍ؟ وأنا أصدُقكِ أيضًا؛ ما ذكرته الآن من شوقٍ لأشقى؛ بل ذكَّرنيه قائدٌ -هنا- بالأمس في حديثٍ عن “القنبلة العنقودية”، قال: “ما إن تقع القذيفة حتى تأخذ بالدوران؛ بسبب زعانف الذيل الذي يشبه ذيل السمكة السردين”.

لا والله حبيبتي؛ ما كانت نزهة صيدٍ مع “صوفيا”، ولا كان ما على كتفي الأيمن بندقيةٌ ألهو بها، من وَشَى بصوري تلك عندكِ؟ قُتل النَّمَّامون؛ بل كان “آر بي جي”؛ فماذا عليَّ إذًا من جناحٍ؟ ألم تكن ضراعتكِ لي ذات تهجُّدٍ بسَحَرٍ؛ “يارب آر بي جي؛ يجاهد حبيبي بيه”؛ أفذنبي أنكِ كنتِ صادقة الرجاء؟! الآن الآن أحمله حبيبتي؛ كما حمل إخلاصُكِ دعاءَكِ حتى اخترق حُجُب السماء.

الحُب؛ قاتل الله ضمَّة الحاء به؛ تذكِّرُني كلَّ ضمةٍ بيننا كانت، فأنا كائنٌ بآثارهن إلى يوم لا أكون.

الشهيد والحور العين؛ لم يَعِدِ الشهيد بحورٍ عينٍ هذا الوعد الفيَّاض؛ إلا ربٌّ “يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”؛ إن كل معنىً يخوضه المجاهد -في غربته- لَيشدُّه إلى كل معنىً في “المرأة” شدًّا؛ من يوم “زمِّلوني زمِّلوني” فزمَّلته خديجة، إلى يوم “قُبض رسولُ الله بين سحري ونحري” تباهي بها عائشة، وما كان بينهما من تكاليف الرسالة بين حاجات النفس في شدائد الحياة.

بارودتي بيدِي ** وبجُعبتي كَفَني

يا أمتي انتظري ** فجْري ولا تهِني

شظيةٌ وذخيرةٌ وكبسولةٌ ورصاصٌ وزنادٌ، والبارود وحده؛ كم كنت تملِّين هذه الأغنية أكررها كثيرًا! لم يكن حبيبًا إليَّ فيها شيءٌ غير البارود؛ يقولون إن أول استعماله كان في الذود عن غرناطة.

حبيبتي؛ عَلَقَة تماسِّنا ببطنكِ هي بقيتي فيكِ الباقيةُ من بعدي؛ ولدُنا مضغتُنا؛ حملُكِ به يشبه اعتناءكِ بي نائمًا، رضاعتكِ له تحاكي برَّكِ بي يقظانًا، أما تأديبكِ إياه فثغرٌ كتب الله لكِ كفايته وحدكِ، فإن يكن ذكرًا فألحقيه بحنظلة غِسِّيل الملائكة، وأخبريه أني ما خرجت إلا لما خرج له سيدي رضي الله عنه، وإن تكُ أنثى -“وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى”- فاجعليها مثلكِ أنتِ، لا أريد بها مزيدًا عليكِ في شيءٍ.

“النفاذ في الفولاذ”؛ هذه كلمة السرِّ بيني وبين ولدي، حفِّظيه إياها؛ لتكون كلمة سرِّ هاتفه وحاسوبه وكلِّ آلةٍ ذاتِ كلمة سرٍّ، حتى إذا لقيته في عرصات القيامة وسارَّني بها في أذني عرفته؛ فلَثَمْتُه هناك وعانقته، وفاخرت به الآباء في حضرة الله، أَوصيه بكل ما أوصيتكِ به فيها، لا أريده أن يعرف أنها معيار قوة قذيفة “الآر بي جي”؛ ذلك شيءٌ يعرفه آحاد الناس؛ بل أريدها معنىً ضخمًا هائلًا في نفسه، يقوِّي ظهره في الحياة كلها؛ حتى ينفذ هو في كل فولاذٍ، واستعيني الله.

رحم الله جدَّتي؛ قالت لي: لما بلغ والدتَك نبأُ شهادة أبيك -أسعده الله- سألت من فورها: ضُرب في بطنه أم في ظهره؟ عجبنا لسؤالها! وكان حذر المرأة أن يكون بطلُها قتل مدبرًا؛ لا إله إلا الله.

لا أحلى فيكِ بعد أنكِ حبيبتي من أنكِ أمي سوى أنكِ صاحبتي؛ شُدِّي أزري، يقولون إن روميل لم يخسر حربه لنقصٍ في كفاءته؛ بل لضعفٍ كان في الدَّعم الجوِّي، فأنت -يا حديث أنفاسي- جوِّي وأرضي وسمائي، أنتِ أنتِ، شاركيني أمري؛ كي نسبِّح الله كثيرًا، ونسفح دم عدوه كثيرًا.

عن حادثة “مسجد الروضة”؛ حرفٌ

عن حادثة “مسجد الروضة”؛ حرفٌ تأخر؛ لكنها بعض العادة:

– لا يختلف عبدان يؤمنان بالله واليوم الآخر؛ في شناعتها وبشاعتها.

– دعاء الله على المجرمين مقترفيها؛ أقرب ما نحتسب به فيهم؛ قاتلهم الله.

– رحم الله القتلى بأوسع رحمته، وربط على قلوب أهليهم ليكونوا من المؤمنين.

– ظني الغالب أن صاحبها هو النظام الملعون نفسه؛ بصَّر الجبار به، وأعان عليه.

– كان واجبًا على “تنظيم الدولة” أن يتبرأ منها، وتركهم ذلك مما أعان على الظن بهم.

– لا يجوز إلحاق الحادثة بتنظيم الدولة لمن لم يتبين؛ مهما كانت لائقةً بالقوم من وجوهٍ، كما لا ينبغي لنا أن نحب وقوعه منهم؛ فإن رجاء السلامة لعموم المسلمين أصلٌ من أصولهم.

– مهما كان مقترفوها؛ فإن رأس كل خرابٍ في هذه الديار طُغْمَة وكلاء المحتلِّ الحاكمة؛ خنثى الطواغيت وجنوده من العامة والخاصة، والفرض أن يُزاد ويُعاد القول فيهم؛ أخزاهم الله.

– في التاريخ كله؛ ما جنى على البلاد والعباد عدوٌّ أجنبيٌّ عنهم؛ كما جنى عليهم عدوٌّ هو منهم.

– نذكر -في هذا الشأن- جملةً من الطواغيت فعلوا ذلك في بيوت الله كثيرًا، كما نذكر شيئًا منه لحماس مع جماعة أبي النور المقدسي رحمه الله، وشيئًا أكثر منه لتنظيم الدولة في مواطن، وأنا لا أساوي بين هذه الطوائف؛ لكني أقرن بين من سوَّغوا الصِّيالة على المساجد؛ مهما كان شأن أهلها.

– خِرَقُ حيض الطواغيت، من شيوخ السوء وبعض خطباء المنابر المضلين، الذين اغتنموا الحادثة ليلعنوا الإرهاب وأهله؛ هم في المقام الأول -عند الله وعند أولي النهى- شركاء في الدماء.

– شأن سيناء أعظم وأوسع -محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا- من هذه المتناثرات التي يتناوشها عامة المحللين الفارغين؛ بل لكأن هذه القطعة المحترقة من البلاد -بيسير متابعةٍ لأنبائها- أجنبيةٌ عنها.

– اغتنام الكفار -أصليين ومرتدين ومنافقين- الحادثة للطعن على الإسلام -عقائد وشرائع- وعلى الصحابة والأئمة؛ عادةٌ جاهليةٌ شركيةٌ قديمةٌ؛ لكنها -من قبل ذلك- حكمةٌ بالغةٌ لرب العالمين في مثل هذه الحوادث؛ يستخرج بها -تعالى- ضغائن الحاقدين، “وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ”.

– شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لولا ضخامتك -في الخالدين- سيدي؛ ما كنت غصَّةً في حلوق أعداء الملة كلَّ نازلةٍ، وكأن الله -تبارك- لما قطع عنك العمل أحبَّ ألا يقطع عنك الأجر؛ رضيك الله.

– “الإرهاب هو الاسم الجامع لكل ما لا يحبه النظام العالمي؛ من الأقوال والأعمال؛ الباطنة والظاهرة”؛ ذلك -على الحقيقة- ما يقصد البعداء البغضاء إذ يحاربون الله ورسوله؛ لعنهم الله.

– لا يسع عبدًا متبصِّرًا أن يتجاوز -في ذلك الشأن- ذكر فشل طوائف الإسلاميين (سياسيين ودعويين وجهاديين وغيرهم) حركيًّا وخطابيًّا؛ بغير مساواةٍ بينهم في الغايات والوسائل.

– شاهدت لقاءً جامعًا (العدويَّ وحسَّانَ) يبرآن إلى الله -سبحانه- من هذه الحادثة، والبراءة منها واجبٌ إيمانيٌّ لازمٌ؛ لكن لا يزال صالحو الناس يستقبحون ممن دينُهم وديدنُهم الخرَس عن الطغيان أن يخوضوا في ذلك، كما لا تزال الجرأة في مثلها بطولة من لا بطولة له، وقديمًا قال أبو الطيب:

وإذا ما خلا الجبانُ بأرضٍ ** طلبَ الطَّعنَ وحدهُ والنِّزالا

– الذين يفصِّلون القول في الغلو ويجْملونه في أسبابه -من جُمَل الطاغوتية والزندقة والضلالات والطغيان والفجور والفساد- هم قِبَاحُ أوباشٌ ضالون؛ عليهم من المليك المقتدر ما يستحقون.

– الذين يرون للدولة حقًّا في محاسبة الجناة بشريعة النظام العالمي التي صارت بها البلاد إلى ما صارت إليه؛ هم -على ضلالهم- أقرب إلى الكفر منهم إلى الإسلام؛ “أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ”.

– ليست هذه أُولى الحوادث ولا آخرها؛ حتى نُبعث من مراقدنا فنصنع شيئًا.

– تولَّى الله المستضعفين من الرجال والنساء والولدان -في سيناء بخاصةٍ وفي البلاد بعامةٍ- بالسلامة والنجاة والعافية، وحفظنا من كل مكروهٍ ومحذورٍ؛ “رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ”.