صباحك غفرانٌ ورضوانٌ، أغتنم بركة

صباحك غفرانٌ ورضوانٌ، أغتنم بركة الصباح يتنفس عليك بحرفي هذا.

أخي يا شقيق الإسلام؛ اقرأ هذا الكلام لجدك الحسن البصري.

اقرأه، ثم انظر الفرق بين سلفك وبين كلام جمهرة دعاة زماننا البئيس.

اقرأه، ثم اقرأ حاشية الكلام عليه لأَشهد وإياك الحق وحقيقته.

قال: “إن لكل طريقٍ مختصرًا، ومختصر طريق الجنة الجهاد”، وكان الرجل إذا اشتكى إليه كثرة الذنوب؛ قال له: “اجعل بينك وبينها البحر”، يعني الغزو.

هذا منطق الفقهاء بالنفوس حقًّا، يرون الجهاد مخرجًا للناس من ذنوبهم، وهو الذي أراد الله لهم منه قدَرًا وشرعًا.

اليوم يُعوِّقك عن الجهاد دعاةٌ بل جماعاتٌ، يصدونك عنه بدعوى ذنوبك، وأنك لست أهلًا للجهاد ما دمت مذنبًا.

لعلك تحسب هذا رأيًا للحسن البصري رضي الله عنه، والحق أنه عقيدةٌ من عقائد القرآن والسنة لمن تدبرهما.

تدبر قول ربك: “فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ”؛ يا من تريدون بيع الدنيا بالآخرة جاهدوا.

إنها ليست آيةً واحدةً، إنه القرآن من أوله إلى آخره، يربط بين مغفرة الذنوب وبين الجهاد ربطًا وثيقًا؛ أما أوله فقوله -تعالى- بسورة البقرة على لسان الرسول والمؤمنين: “وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”، وأما آخره فسورة النصر: “إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا”.

إنك لتقرأ حديث القرآن في سورة آل عمران عن الجهاد؛ فإذا آيةٌ فيه عن الغُلول في الجهاد، والغُلول: أخذُ الشيء من المغانم خِفيةً، سبحان الله! من يأخذ من مغانم الجهاد خِفيةً يا رب! إنهم بعض المجاهدين، المجاهدون القائمون بذروة سنام الإسلام يا رب! المجاهدون الذين يهاجرون ويغتربون ويكابدون أنواع الأهوال يا رب! المجاهدون الذين يبذلون بالجهاد دماءهم وأرواحهم رخيصةً في سبيلك يا رب! أجل هم المجاهدون، إنهم -وإن كانوا خير أهل الأرض قاطبةً- بشرٌ، يجاهدون حين يجاهدون بنفوسٍ بشريةٍ وقلوبٍ بشريةٍ وعقولٍ بشريةٍ لا ينفكُّون عنها، يزيد إيمانهم بالجهاد وينقص بنوازع النفوس، ثم تُبَدِّد أوهامك عن الذنوب وحيلولتها بينك وبين الجهاد آيةٌ أخرى في حديث آل عمران نفسِه، آيةٌ يقول الله فيها لأصحاب نبيه صلى عليه ورضي عنهم: “مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا”، سادة العالمين بعد أنبيائك منهم من يريد الدنيا يا رب! أجل هم الذين أراد بعضهم الدنيا وقد خرجوا مع رسول الله مقاتلين في سبيل الله.

هل أتاك أن في الفقه بابًا اسمه “حكم إقامة الحدود في دار الحرب”؟ وبقطع النظر عن تفصيل هذه المسألة؛ فإن حسبك العلم باختلاف الفقهاء في الحكم بعد تصورهم لوقوع موجبات الحدود من بعض الغزاة في سبيل الله.

أما السنة فحسبك منها العلم بخطأ أسامة بن زيدٍ (الحِبِّ بن الحِبِّ) في قتل نفسٍ بعد إسلام صاحبها، وخطأ خالد بن الوليد (سيف الله المسلول) في قتل جماعةٍ من الناس بعد إسلامهم؛ فماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ تبرأ إلى الله مما فعلا ولم يتبرأ منهما، ولم يُشنع الصحابة عليهما، ولم يقل قائلٌ قبل الجهاد: لا يقاتل الذين لم يتأهلوا للجهاد بترك المعاصي، ولا قال قائلٌ بعده: أمَا وقد عصى من المجاهدين من عصى فلا جهاد لهم تارةً أخرى.

تلك حقيقة الحق التي أردت من حاشيتي هذه على كلام سيدنا الحسن البصري رضي الله عنه؛ الجهاد فريضةٌ على كل مسلمٍ، والمسلم لا ينفك عن معصيةٍ من المعاصي جاهد أو لم يجاهد، بل قد يقارف المجاهد في سبيل الله كبيرةً من الكبائر، بل قد يكون ظالمًا لبعض الخلق، بل قد يكون على بدعةٍ من البدع، بل قد يَركب ناقضًا من نواقض الإسلام، إنه مسلمٌ من المسلمين يصيب ويخطئ وإن كان ليس كآحادهم فيما اختصه الله به من شرف الجهاد في سبيله.

فمن قال لك: من أنت أيها المذنب -بتفريطك في واجبٍ، أو بفعلك محرمًا- لتجاهد! فقل له: أنا لأجل ذنوبي ما ظهر منها وما بطن أريد الجهاد، أريد الجهاد خلاصًا منها بمغفرة الله العامة التي وعد على الجهاد، أريد الجهاد فإما نصرٌ عسى ربي أن يجعل جزاءه توبةً منه علي، وإما شهادةٌ عسى ربي أن يغفر لي بها ما قدمت وما أخرت بأول قطرةٍ مهراقةٍ من دمي، أريد الجهاد ابتغاء رفعة ديني الذي فرطت في قدْره ما فرطت، أريد الجهاد ابتغاء عز أمتي التي قصرت في حقوقها ما قصرت، أريد الجهاد جبرًا لمكسور ما بيني وبين الله.

رضي الله عن الحسن، وداوِ اللهم بالجهاد عِللنا، واغفر به زللنا، وسُدَّ به خَللنا.

عن العبد الصالح سمير بن

عن العبد الصالح سمير بن مصطفى؛ تولاه مولاه في بلواه بأكرم التولي.

قد أُوقن أن جمهرتكم تحبون الشيخ الحبيب في الله لِمَا أشهدكم كثيرًا من موفور خيره في حكيم دعوته إلى دينه العظيم على بصيرةٍ وإحسانٍ، وإني بذلك له معكم من المحبين؛ بَيْد أن هذا الحرف عن الشيخ في كشف ما لا يعلمه عنه إلا من خالطه عن كثبٍ، وقد كنت بحمد الله من أولئك البُخَتاء.

عرفت أخي منذ ربع قرنٍ من الدهر أول ما سكنت مدينة حلوان حرسها الله، عرفته بطريق أخيه الكبير شيخنا الصادع بالحق عبد الله بن مصطفى ملأ الله جدثه الكريم غفرانًا ورضوانًا وكلَّ خيرٍ أناله وليًّا له توفاه، ثم خالطته مدةً من الزمان مخالطةً عامةً، ثم حُبست معه نحو شهرٍ في قسم حلوان الكئيب.

وإني إذا ابتغيت اختصار شمائله لكم في كلمةٍ جامعةٍ مانعةٍ؛ قلت من فوري: سمير رجلٌ، صحبته في السراء لرجولته فإذا الرجولة المَخرج لديه كما كانت المَدخل إليه، ثم صحبته في الضراء فإذا الرجولة الفائضة عنه كما كانت العائضة منه، وتلك الفضيلة لو تعلمون قاعدة الشمائل في العالمين.

لم يكن الشيخ رجلًا فحَسْب؛ بل كان كل من حوله من أصحابه رجالًا، لا ترى فيهم أحدًا غير راسخ الرجولة، كأنما خُلقوا في رحمٍ واحدٍ من ماءٍ واحدٍ، ليس أجلى من رجولتهم الباطنة بعد رجولتهم الظاهرة إلا ما بينهما من متين الرجولة ومكينها، حتى لكأن ربهم لما جمعهم عليها منعهم ممن دونهم أن يُنادمهم شيئًا.

لعلك الآن بعونٍ من هذا الحرف تفقه ما وراء صدق الشيخ في خطبه ومحاضراته مما يروق سامعيه ويعجبهم، إنها مكرُمة الرجولة، لا انفكاك بين مظاهرها الربانية والبشرية في الإنسان الواحد، يبيت بها صاحبها رجلًا في تصوراته فيصبح بها رجلًا في تصرفاته، إذا رأت عيناه الخنوثة أخطأتها.

نفْس الشيخ في عقيدته نفْس رجلٍ، صورته في دعوته صورة رجلٍ، صوته في مواعظه صوت رجلٍ، موالاته إذ يوالي أولياء الله موالاة رجلٍ، معاداته إذ يعادي أعداء الله معاداة رجلٍ، لا موضع في خلاله لِمَا هو طافحٌ في جمهرة دعاة الزمان البئيس من تخنُّثٍ وتأنُّثٍ في نفوسهم ومواعظهم المائعة.

إنْ هو إلا حفيد سيد رجال المنابر عبد الحميد كشك قدَّس القدوس روحه، وابن شيخ رجالها فوزي السعيد نوَّر النور ضريحه، قد أشبه أفذاذ الرجال أولئك في رجولةٍ عاشوا بها وماتوا عليها؛ أخْذًا للإسلام بقوةٍ، واستمساكًا بالكتاب، وصدْعًا بالحق، وصبرًا على الغربة، لا يعرفون أفعال نسْخ الرجولة هان وأخواتها.

خنوثة الدعوات من خنوثة المناهج، وخنوثة المناهج من خنوثة العقول، وخنوثة العقول من خنوثة النفوس، وخنوثة النفوس من خنوثة التنشئة، أوَ من يُنشَّأ رجلًا كمن يُنشَّأ غير ذلك! لا يستوون جذورًا ولا ثمارًا، وإن أبا عبد الرحمن الشافعي سمير بن مصطفى نبت رجلًا فعاش رجلًا، والله وليُّ ثباته رجلًا.

إني لأخالف بعض الشيوخ في كثيرٍ من الأمر، فإذا كان رجلًا في طريقة وعظه أثنيت عليه بالذي هو أهله في ذلك، من هؤلاء أبو العلاء محمد بن حسين بن يعقوب، فإني أبرأ إلى الله من كثيرٍ من أمره؛ غير أني أذكر خليقته في الوعظ فأذكر رجلًا لا يتثنى تثني مخانيث الدعاة أشباه الذكران أغْلِمَة النساء.

ذلك، ولعل قدَرًا جوَادًا يجمع بعضنا ببعض من خالط الشيخ في سجنه هذا -ممن نجاهم الله- فيحدِّثه بآثار مَنقبة الرجولة التي تجلت لهم منه بما هو أسبغ من ذلك؛ فإن معادن الناس تهتكها الشدائد، كيف بنفيسها وعزيزها! ثم يكون في الجنة برحمةٍ من الله حديثٌ عن سِير كل رجالنا على سُررٍ متقابلين.

ربَّاه أنت قدَرت حرفي هذا في شمائل عبدك يوم الجمعة، وإنك لا تقدُر الشر إلا لخيرٍ، كيف إذا قدَرت خيرًا كهذا عظيمًا؛ فاجعل اللهم خيرك في قدَرك هذا أن تكون نجاته من سجنه يوم جمعةٍ دانيةٍ غير قاصيةٍ، وأن يرجع إلى منبره في مصر المخطوفة جُمُعاتٍ يخطبها تترا، وأن تجعل وفاته يوم جمعةٍ شهيدًا.

يا حبيبي؛ حكام العرب كلهم

يا حبيبي؛ حكام العرب كلهم طواغيت، لا حظ لهم من دين الإسلام، لا تنفعهم صلاةٌ يصلونها، ولا غير ذلك من بعض شعائر الإسلام التي يقترفونها كل حينٍ رِئاءَ الناس؛ بصَّر الجبار بهم، وأعد لهم، وأمكن منهم، ولعنهم لعنًا كبيرًا.

الإسلام أخبارٌ وأحكامٌ؛ أخبارٌ يجب تصديقها وأحكامٌ يجب تحقيقها، من بدَّل خبرًا واحدًا من أخباره فقد كفر باتفاق المسلمين، كمن قال: شهر أغسطس الذي أُنزل فيه القرآن بدلًا من “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ”، ومن بدَّل حكمًا من أحكامه فقد كفر باتفاق المسلمين، كمن جعل الخمر مباحة التصنيع والاستيراد والتجارة بنصوص القانون بدلًا من حرمتها القطعية في الشريعة، لا فرق في الإسلام بين تبديل خبرٍ منه وحكمٍ فيه عند المسلمين أجمعين.

كيف بمن بدَّل شرائع الإسلام كلها، وأحل محلها القانون الوضعي الجاهلي، وحمى القانون بالدستور، وحمى الدستور بالسلاح، وجعل قانونه تبعًا للنظام العالمي الجاهلي لا يخرج عنه في شيءٍ، وجعل جزاء الكافرين بالقانون الوضعي إيمانًا بشريعة الرب العلي، الذين يعتقدون حاكمية الله وحده لا شريك له فهُم إلى حكم الكتاب والسنة يدْعون، وعليها يوالون ويعادون، وفي سبيلها بقلوبهم وألسنتهم وأيديهم يجاهدون، جعل جزاءهم القتل أو السجن أو التشريد، بقوة السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، فهي عليهم مجتمعةٌ!

أم كيف باستحلالهم المحرمات اليقينية (كالقتل والربا والميسر) بقوة القانون والسلاح! إلا يكن هذا استحلالًا؛ فليس بين السماء والأرض استحلالٌ.

أم كيف بمنازعتهم اللهَ الأحد في ربوبيته، وفي أسمائه وصفاته، وفي ألوهيته!

أم كيف بفرض المواطنة المساوية الإسلام بالكفر نظرًا، الرافعة الكفر فوق الإسلام عملًا، العاصفة بمعاقد الولاء والبراء على توحيد الإله عصفًا!

أم كيف بحملهم الشعوب على فصل الإسلام عن السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والإعلام والأمن وسائر جوانب الحياة، إلا قشورًا يتاجرون بها!

أم كيف بجعلهم ذواتهم مقدَّسةً عن كل نقصٍ وآفةٍ؛ فمن أظهر لهم ولاءه بصِرْف الباطل قرَّبوه وكرَّموه وأثابوه، ومن أظهر لهم عداءه بمَحْض الحق أبعدوه وأهانوه وعاقبوه، فهُم الذين عليهم مدار ولاء الجماهير وبرائهم، لا يَشركهم في ذلك إلا الملأ الذين هم بهم ظاهرون والملأ بهم ممكَّنون!

أم كيف بتمكينهم أعداء الإسلام من المرتدين والمنافقين في الإعلام (مقروئه ومسموعه ومرئيه) يقولون في عقائد الإسلام وشرائعه ما يشاؤون من مظاهر الكفر البواح، ومن جاهدهم بلسانه أو يده (من غير شيوخهم الذين هم بهم مؤمنون)؛ فمصيره ظلمات الزنازين حتى يموت فيها حقيقةً أو حكمًا!

أم كيف بموالاتهم ساداتهم رؤوس الكفر من يهودٍ وصليبين وسواهم؛ في حرب الإسلام ومقدَّساته وأهله حربًا أعتى من حرب أولئك الرؤوس لنا!

أم كيف بوكالتهم للنظام العالمي (بقِيمه وقوانينه ومؤسساته) في سياسة المسلمين في أمور دينهم ومعاشهم كافةً؛ حتى أضاعوا البلاد والعباد!

يا حبيبي؛ قال نبيك صلى الله عليه وسلم: “ومن دعا بدعوى الجاهلية؛ فهو من جُثى جهنم”، فقال رجلٌ: يا رسول الله؛ وإن صام وصلى! فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “وإن صام وصلى وزعم أنه مسلمٌ”. فكيف بمن كان رأسًا للجاهلية يُعَبِّد الناس لها تعبيدًا، ويقاتل كل خارجٍ عليها بلسانه أو يده!

يا حبيبي؛ الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله، “فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا”؛ فاعرف الطاغوت لتكفر به، “ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ”، وكل دينٍ سواه أعوج، وإن سمَّى عليه شيوخُ الطواغيت الله والرسول؛ فاعتصم بدينك الحق لا يفتننك عنه ساقطٌ نذلٌ مخذولٌ.

منشور طويل، لكنه غاية في

منشور طويل، لكنه غاية في الأهمية، فلو مش فاضي له اقرأه وقت تاني.

س: إيه حكم الخروج على الحكام (وجاوبني بالعامية عشان أفهم)؟

ج: حاضر يا حبيبي، ركز لله جدا:

عزيزي المسحول في الواقع؛ فُكَّك.

لا حُكم، ولا حاكم، ولا خروج، ولا متغلب.

إياك تُستهلك في اللي استُهلِك فيه كتير من قبلك.

الحاكم اللي بتُبحث فيه الأحكام دي كلها؛ مش موجود أصلًا.

لا خادم الحرمين، ولا عاشق الهرمين، ولا شُرَّابات خُرْج العرب أجمعين.

دول حِفنة طواغيت أنجاس، نُوَّاب احتلال (الخلفاء الأمريكيين) لبلادنا.

خد المسألة كلها باختصار بالغ، وبالبلدي؛ المُجمَع عليه، ثم المختلَف فيه:

أجمع المسلمون على إن الحكم المعتبر المحترم هو الحكم بالإسلام (كتابًا وسنةً)، وأجمعوا على إن الحاكم المعتبر المحترم هو الحاكم بالإسلام (كتابًا وسنةً)، وكمان يكون المسلمين جايبينه باختيارهم وراضيين عنه، (يعني شرط بيترجم عقيدة الإسلام، وشرط بيترجم شريعته).

الحاكم ده بالحكم ده؛ أجمع المسلمون على وجوب موالاته، ونصرته، وعلى السمع والطاعة ليه (في المعروف، وبقدْر المستطاع) ما بقي كذلك، وأجمعوا على حرمة الخروج عليه ما بقي كذلك.

صورة السمع والطاعة ليه في الإسلام (ولو كان أحسن حاكم في الدنيا)؛ مهيَّاش صورة التقديس القذرة اللي صورها شيوخ الطواغيت لأتباعهم، (نظرة سريعة على معاملة الصحابة والتابعين للخلفاء تنسفها).

بل يُعارَض بالحق، وعلى طول الخط، وهو مش شغال لوحده أساسًا.

والخروج هو (الخروج بالسلاح)، يعني إنكار منكره بالإيد حتى مش داخل فيه.

وأجمعوا على وجوب خلعه في حالات؛ بعضها ذاتي؛ زي سجنه أو جنونه أو فقده لأهليته الذاتية عمومًا، وبعضها موضوعي؛ متعلق بدينه أو مسؤولياته.

الحالات الموجِبة لخلعه (موضوعيًّا) -واللي هي موضوعنا هنا- 4 حالات:
– لو كفر.
– لو محكمش بالشريعة.
– لو ترك الصلاة.
– لو امتنع وعصابته عن شريعة واحدة ظاهرة متواترة من شرائع الإسلام.

دي 4 حالات يجب خلعه فيها، ولو اتخلع بطريقة شِيك يبقى أصون للمسلمين.

واختلفوا في 3 حالات؛ لو ابتدع، أو ظلم، أو فسق؛ هل يُخلع فيها ولا لأ؟

طب ليه بيناقشوا خلعه في الحالات دي، ومستنوش لما تِخرب منه خالص؟

لأنه مش جاي الحكم لسواد عيونه؛ ده نائب فاعل عن الأمة في حراسة دينها، وفي سياسة دنياها بالدين، (مش الأمة بجلالة قدْرها نائب فاعل عنه).

اللي يهبد لك إجماع في الحالات التلاتة دي ويقول: لا خروج على الحاكم فيها بالإجماع؛ يا إما هو جهول جهل مركَّب، يا إما -وغالبًا- هو ضلالي ضلال مبين.

بل اختلف المسلمون فيها اختلاف واسع جدا (نظريًّا، وعمليًّا) على 3 مذاهب؛ الأول: جواز الخروج. التاني: حرمة الخروج. التالت: التفصيل في المسألة. والتفصيل ده باعتبار 3 جهات؛ الحاكم، والمحكومين، والواقع.

واللي يقول لك: الإمام مين مخرجش؛ قل له: الإمام اللي كان ساكن فوقه خرج.

واللي يقول لك: الإجماع على حرمة الخروج عليه في الأحوال دي انعقد بعد الخلاف؛ قل له: ما هي (مسألة انعقاد الإجماع بعد الاختلاف) نفسها؛ مختلف فيها (أصوليًّا) اختلاف واسع.

طب اللي اتغلِّب بالقوة على حاكم معتبر محترم، وهيحكم الناس -بعد التغلب- (بالكتاب والسنة) زي اللي قبله، والمسلمين رِضيوا بحكمه خلاص (افتراضًا) أو مشُّوا الحال؛ يبقى حسابه عند ربنا في تغلبه ده، لكن حكمه حكم اللي قبله في الجهتين؛ لو استقام والناس رِضيته فليه حق الأول (موالاته، ونصرته، والسمع والطاعة ليه في المعروف بقدْر المستطاع)، لو اتعوج ببدعة أو ظلم أو فسق؛ هيتكرر نفس الاختلاف اللي قلناه قبله في التعامل معاه.

طب ليه رفضنا من البداية وصف متغلب على خنثى الطواغيت الزنديق ده وأمثاله من طواغيت العرب؟

لأن الوصف ده -وإن صح لغةً، واستُعمل تاريخيًّا- هيستدعي للأذهان -ومع مخلَّفات شيوخ الطواغيت- صورة الحاكم الأُموي مين، والحاكم العباسي مين، ونتسحل احنا بقى في التفريق للناس ما بين الحكام المسلمين، وبين الزنادقة دول.

كل اللي فات ده بقى انساه خالص؛ لأنه ملوش أي علاقة -بأي درجة، من أي جهة- بالحكام الموجودين دلوقت، خالص بتاتًا نوهائي. (أيوه واللهِ الحَكَم الحقِّ خيرِ الفاصلين).

دول حِفنة طواغيت أنجاس، وكلاء إدارة (النظام العالمي) في احتلال بلادنا، بل مكانش يِحلم بأمثالهم المحتلون القدامى لبلادنا، ولو كانوا ظفروا بيهم أيام احتلالهم القديم لينا كانوا استعملوهم، ووفَّروا على نفوسهم جهود ووقت وخساير سياسية واقتصادية وبشرية وحضارية لا تحصى.

احتلال أعمق رأسيًّا وأوسع أفقيًّا من أي احتلال لبلد من بلد في التاريخ والجغرافيا.

احتلال ثقافي، وسياسي، واقتصادي، وعسكري، واجتماعي، وأمني.

احتلال ساحق وماحق لكل معتبر في دين وإنسانية، وبهيمية كمان.

احتلال أدواته (البشرية والمادية)، (الناعمة والصلبة)؛ أعقد وأخطر مما يُتخيل.

احتلال كفاية عشان تحكم عليه بما يستحق؛ ترصد واقع المسلمين المخزي في جانب واحد بس من جوانب حياتهم ودينهم (وليكن الجانب المعيشي)، بس بدون تأثير لشيخ من شيوخ الطواغيت عليك وانت بترصد وتحكم.

بالترهيب والترغيب بتتسحق الشعوب في كل جوانب نفوسهم ودينهم ودنياهم، وبيروح لجهنم كل ساعة جماهير من الناس بتغييب الشريعة عن حياتهم، وإحلال القوانين الوضعية المَسْخرة مكانها.

القوانين اللي مهمتها في بلاد المسلمين من الآخر هي (تنظيم الجرائم لا تجريمها)، وأي حد بيمارس أي جريمة من أي نوع لكن من خلال نظام الدولة المحدَّد ليها عمليًّا أو قانونيًّا فقشطة شغال وربنا يزيده كمان وكمان.

صَد عن سبيل الله، ومفيش عدل، ولا حرية، ولا كرامة، ولا يحزنون.

فَرض للكفر والبدع والظلم والفجور والفساد؛ وبقوة الدستور والقانون والنظام، وكل اللي متفرَّق في بلاد العالم من أنواع الفساد متجمَّع في بلادنا ولا فخر، واللي مش عاجبه يِشد في حواجبه، ومن حقه يختار براحته الطريقة اللي يموت من القهر بيها.

خِير بلادنا لغيرنا، واحنا فيها حِفنة عبيد، إعدامنا أولى من بقاءنا (حقيقةً أو حُكمًا).

الساكت زي اللي بيتكلم، والكنبجية زي الثورجية، والمسألة (جدولة) بس.

أولئك البُعداء البُغضاء؛ ليس لهم إلا الثورة عليهم ومقاومتهم (إجماعًا).

إجماع ليه؟ لأن دي صورة دفع، والدفع واجب بلا خلاف، وأحكامه العامة معروفة.

والخروج هو (الخروج بالسلاح)، يعني كل اللي قبل كده مشروع من باب أولى.

لو هيتخلع بطريقة شِيك يبقى أصون للمسلمين، وإلا وجب الخروج عليه.

ووجوب الخروج ده حكم نظري، أما العملي؛ فلا يكون إلا بتقدير وحسابات.

يعني مين؟ هيعمل إيه؟ إمتى؟ إزاي؟ فين؟ ليه؟ بإيه؟ (مش لعب عيال).

ولو منفعش عمليًّا في وقت؛ يبقى الإعداد ليه بكل مباح مستطاع طول الوقت واجب.

اللي يقول لك: اتعلم الأول؛ قل له: علمني -ربنا ينتقم من فضيلتك- اللي عليَّ في مواجهتي، مما هو واجب التعلم؛ فإن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).

مش تعلمني الخرَس، وفقه الذل والاستعباد، اللي لازم ينتهي بعبادة الطاغوت، وتِفضل تاخدني بالهداوة حبة حبة؛ من طاغية، لمتغلب، لقدَّر الله وما شاء فعل.

قل له: ربنا يخزيك يا مولانا! مفيش تعارض بين دراستي عقيدتي وشريعتي وبين القضية الخطيرة دي، (ده إذا فِضلت العقيدة عقيدة والشريعة شريعة في ظل غيابها).

وبدل ما نضيع أعمارنا وجهودنا وطاقاتنا في هُمَّ إيه؟ واجب نفكر -بأوسع وأعمق صور التفكير- إزاي نقاومهم؟ ونعمل إيه؟ وإمتى؟ وفين؟ وليه؟ وبإيه؟

في نفس الوقت اللي الطواغيت بيقطعوا فيه مسافات، وبيكسبوا بيه أرض، وبيحققوا بيه أهداف، وبيِهدروا فيه طاقات؛ بآليَّات ضخمة جدًّا ورهيبة جدًّا، وأخطر من ده كله سحق القوة البشرية المقاومة بالقتل والسجن والتشريد وغيرها، والواقع أفصح لسان في كشف كل الحقايق دي، واللي ربنا اختصره كله في الآية دي: “إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوآ إِذًا أًبَدًا”، يا تدخل في ملتهم يا يِتحكم عليك بالفناء السريع أو البطيء.

كل ده واحنا بنتعبِّد لربنا بشُعب الإسلام الباقية الكبيرة الكتيرة عادي جدًّا.

للإسلام خريطة يا جماعة الخير؛ لازم نبين فيها كل شيء، وبوزنه الحقيقي اللي ربنا وزنه بيه، “اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ”.

كل دين مبيعرَّفكش بالطواغيت وبالطغاة ومش بيحُضك على مقاومتهم بكل اللي تقدر عليه، بل بيطوَّعك ليهم واحدة واحدة وبيرضِّيك بالذل والهوان؛ لازم تكفر بيه، مهما اتقرأ عليك فيه آيات وأحاديث مظلومة في الاستدلال بيها، ومهما اتحكالك بالدجل عن أئمة الإسلام حكايات مظلومة في الاستشهاد بيها على واقعنا المختلف كل الاختلاف عن واقعهم، واللي يقيس لك طواغيت النهارده على خلفاء المسلمين السابقين (مهما كانت كوارثهم الدينية والدنيوية) دجال ونصاب؛ لأنه مكانش فيه خليفة ولا حاكم مسلم في تاريخ المسلمين وجغرافيتهم بدِّل شريعة ربنا كلها بشرائع وضعية من الشرق والغرب، وحارب كل مسلم بيخطر على باله إنه يِحكِّم الشريعة الإسلامية، ولا كان فيه خليفة ولا حاكم مسلم في تاريخ المسلمين وجغرافيتهم عميل للمحتلين العمالة الخالصة دي، فضلًا عن بقية الفروق الرهيبة بينهم، وكفاية انك تعرف إن الحكام الأُمويين والعباسيين اللي بيضحكوا عليك بالنفخ في منكراتهم عشان تساوي الطواغيت بيهم؛ كانوا محكِّمين للإسلام في الجملة عقيدة وشريعة، وكانت الجماعات الوسيطة المسلمة شغالة (في العلم والدعوة والحِسبة وغيرها) على أعلى مستوى، بل كان الجهاد والفتوحات شغالة طول الوقت بدرجات متفاوتة.

متسمحش لشيخ (مهما يكن حجمه في الواقع المتنيل ده) إنه يدوس على عقلك وفطرتك وكرامتك ويفهمك كلام غير ده، وإنه يِعبِّدك زي أجيال راحت وأجيال جاية للطواغيت والطغاة، دول شيوخ (على أحسن ظن بيهم) دراويش ومغفلين، لكن سوء الظن بيهم هو الواجب العقلي والشرعي، فهُمَّ في الحقيقة مجرمين ومنتفعين، حتى لو كان الانتفاع ده مجرد بقاء دعوتهم وحركتهم في أمان.

اللهم بصِّر بالطواغيت وجنودهم وشيوخهم، وأعِدَّنا لهم، وأمكِّنا منهم، والعنهم لعنًا كبيرًا، لا حول ولا قوة إلا بك عزيزًا حكيمًا، وصلِّ على رسولك وسلِّم.

هذه نياتٌ صالحةٌ كثيرةٌ جمعتها

هذه نياتٌ صالحةٌ كثيرةٌ جمعتها لك أخي المتصدق بشيءٍ من مال الله على عباد الله؛ اجمع عليهن قصد قلبك مستعينًا بالله ربِّك كلما شرَّفك بالتصدق على مساكينه، صادِقَ الافتقار إليه في تحقيق الإخلاص فإنه لا يُستطاع إلا بالله، وذا الجلالِ والإكرامِ أسأل أن يتقبل منك كل صدقةٍ تتصدق بها حتى يباهي بك ملائكته في عِليِّين، وألا يدَع نيةً منها إلا أثابك بها وزيادةً؛ إنه هو البَرُّ الشكور.

التخلُّق بصفات الله الجَمَالية؛ الرأفة، والرحمة، والبِرِّ، والكرم، والإحسان، والحنان، والمَنِّ، والرفق، والجبر، والسَّتر، والعطاء، والإغناء، والإنعام، والكفاية، واللطف، والوهْب، والفتح، والبَسْط، والجمال، والوُدِّ، والإغاثة، والإعانة، والتولِّي، والنُّصرة، والحفظ، والإقاتة، والوصل، والتفريج، والإصلاح، والإعداد، والإمداد، والإسعاد.

التخلُّق بصفات الملائكة الجَمَالية.

التخلُّق بصفات الأنبياء والمرسَلين الجَمَالية.

التخلُّق بصفات أصحاب رسول الله الجَمَالية، صلَّى عليه الإله ورضي عنهم.

التخلُّق بصفات أولياء الله الجَمَالية؛ من العلماء والعُبَّاد والمحسنين.

توحيد الله برُبُوبِيَّته؛ بتجديد اعتقاد تفرُّده بالخلق والتدبير والسِّيادة، وما أنت حين تنفق شيئًا في سبيله على بعض خلقه؛ إلا سببٌ من أسباب خلقه وتدبيره وسِيادته، وأنه الفعَّال على الحقيقة وحده برُبُوبِيَّته ما يريد.

توحيد الله بأسمائه وصفاته؛ بتجديد اعتقاد أَحَدِيَّته في كل الأسماء الحُسنى وجميع الصفات المُثلى، وما أنت حين تجود بشيءٍ من الخير ابتغاء وجه ربك الأعلى على أحدٍ من عباده؛ إلا مظهرٌ من مظاهر صفاته، وأنه لولا كمالات الله في أسمائه وصفاته؛ ما استطعت من ذلك الخير كثيرًا ولا قليلًا.

توحيد الله في ألوهيته ومعبوديته؛ بتجديد اعتقاد استِئثاره وحده لا شريك له العبادةَ المطْلقةَ من جميع خلقه، وأنك إذ تعطي ما شاء لك من معروفٍ بعضَ خلقه؛ ما أنت إلا عبدٌ من عباده، ولولا شرْعه وقدَره فيك؛ ما عرفت المعروف ولا أُعِنت عليه، فتُخْلِص له صنائع معروفك إذ لا يليق بك إلا هذا.

طاعة الله في أمره عبادَه بالبِرِّ وبالتراحم وبالإحسان.

طاعة نبي الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في هذا جميعًا.

حِفظ الإسلام بحفظ شرائعه وأحكامه، ومن ذلك الإنفاق في سبيل الله.

تعظيم أوامر الله ورسوله بإنفاذها.

تقوى الله بطاعته في الإنفاق والبَذل.

الخوف من الله ألا ينفق العبد؛ فيعاقبه الله بما يستحق في الدنيا والآخرة.

الرجاء في الله بالطمع فيما عنده من خير الجزاء الذي وعد به المنفقين.

شُهود أنعُم الله الباطنة والظاهرة عليك؛ في نفسك، وفيما أولاك من سَعةٍ.

الإقرار بمِنَن الله إقرارًا عمليًّا، تشهد له روائع عطائك وبدائع نَداك.

حَمد الله وشُكره على أنواع آلائه ودرجاتها وتواتُرها وتداخُلها؛ بفعل التصدق.

الرغبة فيما عند الله من ثواب الدنيا والآخرة؛ مما وعد به المتصدقين.

الرهبة من زوال نعمة الله، ومن تحوُّل عافيته، ومن تبدُّل الأحوال.

التفويض إلى الله؛ في تحصيل المال، وفي معرفة المستحِق، وفي الإيصال.

التوكل على الله؛ باطِّراح الأسباب من القلب مهما شُغلت بها الجوارح، واعتماده على مولاه وحده في الهداية إلى الخير، وتيسير تحصيله، وإنفاقه.

الافتقار إلى الله؛ بالبراءة له من كل حولٍ وقوةٍ في جلب المال وفي إخراجه.

الاستبشار برحمة الله؛ أنه يرحمك كلما افتقرت إلى رحمته كما ترحم خلقه.

حُسن الظن بالله؛ أنه يعين على النفقة، وييسرها، ويُخلِف منها، ويتقبلها.

تصديق الله ورسوله فيما جاء عنهما؛ من الأمر بالإنفاق، ومن الوعد عليه.

الرضا بالله والرسول والإسلام؛ في شرائع النفقات الواجبة والمستحبة.

الثقة فيما عند الله من خزائن لا تنفد؛ مهما نفد ما عند الخلائق جميعًا.

اليقين فيما عند الرب الأكبر الأكرم من أجرٍ كبيرٍ، هو الأطيب والأوفى.

البرهان العملي على الإيمان القلبي، وفي الصحيح: “و‍الصدقة برهانٌ”.

شُهود رُبُوبِيَّة الله في تدبير أمور عباده وتصريف شؤونهم؛ وعجائبِ ذلك.

شُهود أسماء الله وصفاته وآثارها؛ في الإنفاق والمنفقين والمنفَق عليهم.

شُهود ألوهية الله في قلبك وقولك وعملك؛ كلما أنفق الله بك.

مخالفة الشيطان في أمره بالبخل، وفي نهيه عن الكرم.

القصد إلى إفراح الله؛ حَسْب المؤمن أن يكون في فرح رب العالمين سببًا.

القصد إلى إعجاب الله.

الصبر على طاعة الإنفاق، وعن معصية البخل.

زيادة الإيمان بزيادة العمل الصالح، وإن من خيره الإنفاق في سبيل الله.

تثبيت المنفق نفسَه بالعمل الصالح، ولا أعونَ على الثبات من طاعة الله.

إطفاء غضب الرب.

تقوية القلب على الشجاعة وبَذل النفس؛ فإن الشجاعة أخت الكرم كما أن الجُبن أخو البخل، ومن قدَر على بَذل ماله أقدره الله على بَذل نفسه.

إقرار عين رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مساكين أمته وبؤسائهم.

تجديد الانتماء إلى الإسلام وأهله؛ بالإحسان إليهم والإشفاق عليهم.

وَطْءُ موطئٍ يغيظ الكفار الذين يضيقون على الناس أقواتهم ومعاشهم.

إيثار الله على المال الذي جُبِل الإنسان على حبه حبًّا شديدًا.

برُّ الوالدين؛ فإن العبد كلما أصلح عمله كان دعاؤه لأبويه أقرب إلى التقبل.

رجاء خير الله في الأهل والذرية؛ “وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا”.

الأدب مع الله الذي لولاه لكانت يدُ المنفق اليدَ السُّفلى لا العُليا.

التسليم لله.

حِفظ المال؛ فإنه لا حافظ للمال مِثلُ أداء حق الله فيه.

تزكية المال وتطييبه بالنفقة منه في سبيل الله.

تكفير السيئات.

مضاعَفة الحسنات.

رِفعة الدرجات.

تبييض الصحائف.

تثقيل الميزان.

اجتياز الصراط.

المسارعة إلى المغفرة، وإلى الجنة، وإلى الترقِّي في درجاتها.

المسارعة إلى رضوان الله الأكبر؛ بإرضائه في محاويج عباده المؤمنين.

بلوغ محبة الله بفعل أحبِّ الخير إليه؛ فإنه لا حسنة يحبها الله -بعد توحيده- كرحمة خلقه؛ كما لا سيئة يبغضها -بعد الإشراك به- كظُلمهم.

استباق الخيرات، والتنافس في المعالي، ولا أجلَّ من الإحسان ميدانًا لهذا.

فِداء النفس من أنواع عقاب الله على الذنوب الموجِبة لها.

التفنُّن في أنواع ‍الصدقات وكمِّها وكيفِ إعطائها لمستحقها؛ ابتغاء وجه الله.

التوبة إلى الله بالعمل الصالح، والصالحات المتعدِّية أعظم الصالحات.

الترقِّي من الإسلام إلى الإيمان، ثم من الإيمان إلى الإحسان.

وقاية النفس شُحَّها، وتزكيتها من عِللها وأسقامها.

جبرُ المنفق كسورَ طاعاته القلبية والقولية والعملية؛ حتى تُبَلِّغه ‍الصدقةُ من الدرجات العَلِيَّة عند الله ما لم يَبْلُغه بطاعاته القليلة الواهية.

المزاحمة بالحسنات لتُذهِب السيئات.

الجهاد بالمال، وقد قُدِّم الجهاد بالمال على النفس في جَمْهَرَة مواضع القرآن.

تحصيل معيَّة الله بالمعيَّة الحقيقية للمسلمين، والجزاء من جنس العمل.

الإيمان بالغيب؛ فإن العبد ينفق ما يشهد من المال ابتغاء موعود ربه بالغيب.

ذِكر الله؛ بالقلب إرادةً للنفقة، وباللسان حُسنَ قولٍ فيها، وبالجوارح فعلًا لها.

اجتناب سبيل الطواغيت؛ في تعطيل الشرائع، وفي منع الناس حقوقهم.

تمكين الإسلام؛ بنشر رحمته، وبالمرحمة بأهله.

البراءة من الجاهلية التي تدعُّ اليتيم، ولا تحضُّ على إطعام المسكين.

البراءة من النفاق؛ فإن أخص خصائص النفاق الجُبن والبخل.

التوقِّي من النار؛ فإن ‍الصدقة من أعظم أسباب الوقاية منها.

التعرُّض لظِلِّ الله يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه.

التعرُّض لدخول الجنة من باب ‍الصدقة.

التعرُّض لنعيم القبر، والثبات عند سؤال المَلَكَين.

التعرُّض لدعاء الملائكة بالخَلف والعِوض؛ صُبْحَ كل يومٍ من أيام الدنيا.

التعرُّض يوم القيامة لعفو من ظلمهم المنفق في سبيل الله -لو كان فعل في الدنيا ثم لم يستطع التحلُّل منهم- إنقاذًا من الله له من شؤم مظالمهم بين يديه؛ كما كان المنفق ينقذ الناس في الدنيا من حُفَر الكروب قبل السقوط فيها، فيُلقي الله في قلوب هؤلاء المظلومين العفو عن المنفق والصفح جزاءً وِفاقًا.

حِفظ عُروة الإنفاق من عُرى الإسلام التي ستُنقض -عَوْذًا بالله- كلُّها.

الإنفاق على الدعوة في سبيل الله، ووجوه ذلك أكثر من أن تُحصى.

موالاة المسلمين، والمسلمون بالموالاة بينهم أولى من الكافرين بها.

الرأفة بالمسلمين.

رحمة المسلمين.

جبرُ المسلمين.

سَتر المسلمين.

تثبيت أقدام مجاهدي المسلمين.

افتداء أُسارى المسلمين.

قضاء حوائج المسلمين.

إحصان المسلمين.

تعويض المسلمين.

إطعام المسلمين.

كِسوة المسلمين.

إعفاف المسلمين.

إغناء المسلمين.

كفاية المسلمين.

برُّ المسلمين.

تصبير المسلمين.

إعزاز المسلمين.

تفريج كربات المسلمين.

إعانة المسلمين.

إسعاد المسلمين.

إيثار المسلمين.

تطييب نفوس المسلمين.

قضاء ديون المسلمين.

التيسير على مُعسِر المسلمين.

تنفيس هموم المسلمين.

مواساة المسلمين.

تسكين وَلْهَان المسلمين.

إيناس وَحْشَان المسلمين.

إغاثة لَهْفَان المسلمين.

إعطاء محروم المسلمين.

مداواة مريض المسلمين.

رعاية يتيم المسلمين.

العناية بأرامل المسلمين.

التعرُّض لتيسير الله لليسرى؛ كما وعد المنفقين بذلك فقال: “فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى”، واليسرى هي الخيرات في الدنيا والجنة في الآخرة.

إعانة المسلمين على ما خُلقوا لأجله من عبادة الله؛ بإصلاح بالهم إذا قُضِيت حاجاتهم وسُدَّت فاقاتهم، وإذا يُسِّر عسيرهم ففرَغوا لطاعة ربهم.

إرضاء المسلمين عن ربهم، وتوثيق نسبتهم إلى دينهم.

صيانة بيوت المسلمين عن التفكُّك والتفسُّخ.

تثبيت المسلمين على الإسلام بالإنفاق عليهم؛ فيحبون الله وأهله مزيدًا.

خلافة المجاهدين والشهداء والأسرى في أهليهم؛ بما يليق بهم وينبغي لهم.

الدعوة إلى الله بفعل الإنفاق، وهي أبلغ كثيرًا من الدعوة بالقول المجرَّد.

إغاظة الشيطان بطاعة الله ورسوله في حفظ شرائع الإسلام، وفي حفظ المسلمين من فتن الشهوات والشبهات التي يُقَرِّب الفقر إليها ويعين عليها.

أول وسيلةٍ عُصِي الله بها

أول وسيلةٍ عُصِي الله بها في العالمين؛ (تحريف التعاريف).

“فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَآ آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ”.

أعاد إبليس تعريف المعصية، ووضع لها عنوانًا مغايرًا، فلم يقل: يا آدم؛ اعص ربك بالأكل من الشجرة التي نهاك عنها، بل قال ما قال، ثم تتابع بَنُوه من شياطين الجن والإنس على تلك الوسيلة في إغواء الخلق وإضلالهم حتى الساعة؛ الكفر فلسفةٌ، والزندقة وجهة نظرٍ، والشرك تعدديةٌ، وجعلُ الحاكمية والحُكم والتحاكم إلى طائفةٍ من البشر ديموقراطيةٌ، وعقيدة الولاء والبراء إقصاءٌ، والردة عن الإسلام حرية اعتقادٍ، واحتلال بلاد المسلمين عولمةٌ، ومقاومته خروجٌ عن الشرعية الدولية، ومساواة الإسلام بالكفر مواطنةٌ، وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة تنويرٌ، والاستمساك بالإسلام رجعيةٌ، والجهاد عنفٌ، والمفاصَلة دوغمائيةٌ، وخيانة الله ورسوله مشاركةٌ سياسيةٌ، والزنا ممارسةٌ للحب، واللواط مثليةٌ، والربا فائدةٌ، والخمر شرابٌ روحيٌّ، والتعرِّي موضةٌ، والفسق المركَّب فنٌّ، والعمليات الاستشهادية عملياتٌ انتحاريةٌ، وتبديل الشرائع تجديدٌ للخطاب الديني، والكافر المحارِب الآخَر، و‍الثورة فوضى، والخنوع حكمةٌ، والخزي سلامٌ، والخضوع للباطل فقه الواقع، وتجاوز الثوابت حداثةٌ، وتداعي الأمم الكافرة على الإسلام تحالفاتٌ دوليةٌ، وجندي الطاغوت العسكري الغلبان، ودَواليك.

كلُّ ذلك وما لا يُحصى عدُّه البتة؛ من شواهد (تحريف التعاريف)، وفي الحديث قول نبينا صلى الله عليه وسلم: “ليشربن أناسٌ من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها”، بل قرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين استحلال الخمر وبين تسميتها بغير اسمها، فقال: “إن أول ما يُكفأ كما يُكفأ الإناء” يعني الخمر، قيل: يا رسول الله؛ كيف وقد بيَّن الله فيها ما بيَّن! قال: “يسمونها بغير اسمها، فيستحلونها”؛ فكان تحريف تعريف الخمر هو المطية إلى استحلالها، واستحلال الحرام كفرٌ، والكفر غاية الشيطان.

اللهم اشرح لهذا الحرف الصدور،

اللهم اشرح لهذا الحرف الصدور، وافتح به القلوب، واهد عليه دانيًا وقصيًّا.

لو كان شيخ الإسلام حيًّا، وانتخب -صانه الله وزانه- طاغوتًا من طواغيت العرب أو العجم، وخرج على المسلمين يحضهم على انتخابه باسم الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة؛ لسقطت حرمته، ووجب البراء منه، وصارت معاداته أفرض من معاداة الطواغيت أنفسهم، وعُدَّ في ميزان الإسلام كاهنًا من كهان الطواغيت، ولا كرامة من بعد ما ضل وأضل لتاريخ علمه وعبادته ودعوته وجهاده جميعًا. هذا ما لا يرتاب فيه مسلمٌ يعرف ما التوحيد وما الطواغيت طرفة عينٍ، كما لا تضره مخالفة الهمج الرعاع له مهما كثروا مثقال ذرةٍ.

إن انتخاب شيخٍ طاغوتًا من طواغيت العرب أو العجم ودعوته الناس إلى ذلك؛ أغلظ جنايةً عند الله وملائكته ورسله والمؤمنين من إنسانٍ ترك الصلاة وزنا ولاط وسرق وقتل وعق والديه وأكل الربا ومال اليتيم وقذف المحصنات واجتمعت فيه الموبقات كلها، ليست هذه فتوى فقيهٍ من الفقهاء ولا رأي إمامٍ من الأيمة، بل هذا معتقد أهل الإسلام الذين يعتقدون أن الطواغيت منازعون لله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته وفي ألوهيته، وأنهم وكلاء محتلِّي بلاد المسلمين العجم فيما سال من أمور دينهم ودنياهم وما صَلُب، وأنهم من وراء كل بليةٍ في ديار المسلمين بالسلب والإيجاب، وبهم يُساق إلى جهنم كل لحظةٍ زمرٌ من الناس بتغييب شريعة الرب جلَّ ثناؤه، وفرض شرائع الجاهلية في جوانب الحياة كلها بالحديد والنار، ومحاربتهم الإسلام عقائدَه وشرائعَه وآدابَه بأنواعٍ من الترغيب والترهيب لم تخطر لأبي لهبٍ وأبي جهلٍ على بالٍ.

التوحيد، ما التوحيد! وما أدراك ما التوحيد! إفراد الله بالربوبية وبالأسماء والصفات وبالألوهية؛ فأما إفراده بالربوبية فاعتقاد أحديته في الخَلق والحُكم، والخَلق خَلقان: خَلقٌ أولٌ وهو الإيجاد، وخَلقٌ ثانٍ وهو البعث، والحُكم ثلاثةٌ: حُكمٌ كونيٌّ قدريٌّ وهو تدبير الله أمر ما خلق جميعًا (من أصغر ذرةٍ فما دونها إلى أكبر مجرةٍ فما فوقها، من مبدأ الخلق إلى أبده، ما عقل من هذا وما لم يعقل، في عالَمي الغيب والشهادة)، وحُكمٌ دينيٌّ شرعيٌّ وهو الحاكمية (حَقُّ الحُكم)، والحُكم الذي أنزل الله في الكتاب والسنة عقائد وشرائع، وحُكمٌ جزائيٌّ حسابيٌّ وهو مجازاة الله المكلفين من خلقه على الخير والشر بالخير والشر في دورهم الثلاثة، وأما توحيد الأسماء والصفات فاعتقاد وحدانية الله في أسمائه الحسنى وصفاته المثلى، بغير تحريفٍ وتعطيلٍ وبغير تكييفٍ وتمثيلٍ، وأما توحيد الألوهية فإفراد الله بالإرادة والقصد باطنًا وبالطاعة والحُكم ظاهرًا.

الآن حبيبي يفقه فؤادك أن ما نتكلم فيه آناء الليل وأطراف النهار ليس مسألةً من مسائل الشريعة، بل ليس قضيةً من قضايا العقيدة؛ إنما هو التوحيد عينُه، أن يُفرَد الله الواحد في نفسه بالحاكمية والحُكم اعتقادًا، وأن يُتحاكم إليه في كل أمرٍ عملًا، ولا يكون ذلك إلا بالكفر بالطواغيت، ولا يكون الكفر بهم إلا بمعرفتهم حق المعرفة والبراءة منهم ومعاداتهم، فمن لم يعرف الطواغيت لم يبرأ منهم ولم يعادهم، إنْ طواغيت اليوم إلا هُبَلُ ومَنَاةُ والعُزَّى أمس، وكما لم يكن التوحيد أول الإسلام صحيحًا إلا بالكفر بهذه الأوثان؛ كذلك لا يكون اليوم صحيحًا إلا بالكفر بهؤلاء الطواغيت. خانك في الدارين -وربِّ محمدٍ- شيخٌ لم يعلِّمك هذا مهما استفدت به خيرًا في فرعٍ من فروع الإسلام موفورًا.

الإسلام، ما الإسلام! وما أدراك ما الإسلام! الإسلام: لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله؛ فأما لا إله إلا الله فتوحيد المعبود، ألا يُشرَك بالله في عبادته باطنًا وظاهرًا، والنفي في الشهادة قبل الإثبات، فالكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله واحدًا في العبادة، وأما محمدٌ رسول الله فتوحيد المتبوع، ألا يُشرَك بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في الاتباع باطنًا وظاهرًا، ولا يكون ذلك إلا بالكفر بكل متبوعٍ في الدين سواه قبل الإيمان به واحدًا في الاتباع، وإنما القرآن والسنة شرحٌ واحدٌ على متن الإسلام (لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله)، وما كل كتابٍ خُطَّ في الإسلام ويُخطُّ إلى يوم القيامة إلا حاشيةٌ على شرح القرآن والسنة لمتن الشهادتين، وما كل قولٍ في الدين من عالمٍ بالله ورسوله وداعيةٍ إليهما إلا تقريرٌ على هذه الحواشي؛ فاعرف الإسلام دينك كما هو، وادع إليه كما هو، وجاهد به كما هو، “ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ”.

هذا حرفٌ يهتف بإنسانٍ يعبد

هذا حرفٌ يهتف بإنسانٍ يعبد مع الله شيخه: تنحَّ عن حرارته يا بارد لا مرحبًا بك.

أحب الشيخ الرباني المحدث النبيل أبا إسحاق الحويني في الله حبًّا شديدًا، وأحسبه من أولياء الله الصالحين والله حسيبه، ولا أحصي كم نفعني الله بلحظه ولفظه منذ سمعت له أول مرةٍ سنة خمسةٍ وتسعين، وأشتهي له كمال الخير في دنياه وأخراه، ويوم قُطعت رجله لم تحملني رجلاي وقعدت على رصيف شارعٍ أبكي، ولو قلت: لا أعلم خطبةً للشيخ لم أسمعها رجوت ألا أكون مبالغًا، وكانت تطربني عناوين كتبه الفريدة أيما طربٍ، ولم أر قطُّ كتابًا له إلا اشتريته فمتعت بقراءته فؤادي، وكم أحسن الله إلي برؤيته في اليقظة والمنام، وما كنت أقبِّل يد أحدٍ من المشايخ إلا قليلًا منهم الشيخ، ولا أنسى قول شيخنا رفاعي سرور -رفعه الله درجاتٍ، وسرَّه يوم الحسرات- قبل الثورة في بيته لي وقد ذُكرت القنوات الإسلامية: “هي القنوات فيها حد يتسمع يا أخ حمزة غير الأخ ابو إسحاق والأخ حازم ابو اسماعيل!”، وحين وجدت عليه في نفسي إذ تخلف عن الثورة ثم قال في شأنها ما قال بمسجد العزيز بالله؛ قلت لها مواسيًا: لم تزل صفحة الرجل بيضاء من مداهنة رؤوس الجاهلية الطواغيت، بل فيها من ضربةٍ بسيفٍ وطعنةٍ برمحٍ ورميةٍ بسهمٍ في جسدها حظٌّ عظيمٌ، ولم يمنعني يومئذٍ حبه من الإنكار عليه في الميادين وفي مجالسي العامة في المساجد والخاصة في البيوت؛ فإن الشيخ حبيبٌ إلى قلبي لكن الحق أحب إلي منه، وهو أصلٌ علَّمتنيه أمي والشيخ وغيره من المُثلاء الذين شرفني ربي بالاستفادة بهم، ثبتني الله عليه حتى ألقاه غير فاتنٍ ولا مفتونٍ.

وكما أنكرت على الشيخ الجليل يومئذٍ قِيله في الثورة أنها فتنةٌ وأن الاستبداد خيرٌ من الفوضى وأن الحكمة كانت في سكوته عنها، وأنكرت عليه سكوته في بيته على ثناء بشار عواد معروف على صدام حسين خيرًا وهو يسمع؛ أنكر عليه اليوم احتفاءه بالعفاني -عليه من الله ما يستحق- وقد عُلم للقاصي والداني انتخابُه لطاغوت مصر ومؤازرتُه لحزب الزور، وما أظن هذا على الشيخ خافيًا، وإنما بضاعة الشيخ الأولى نقد رواة الأحاديث والآثار، فأي الرجال أولى بالنقد يا عباد الله وأقسطوا؛ رواة الأحاديث الأموات الذين أشبعهم أيمة الإسلام نقدًا، أم الرجال الذين اشتهرت تصرفاتهم في أمور المسلمين العظام!

وإذا احتفى الشيخ بالعفاني وقد عُلم ما اقترف؛ فلا غرو أن يصور ولده هيثم نفسه مع عبد الله رشدي -عليه من الله ما يستحق- وقد عُلم انتخابه للسيسي ومجاهرته بها كما عُلم تأييده لحسني مبارك وولده، وبالله الغوث.

اللهم ربنا الغفور الغفار خير الغافرين؛ اغفر لعبدك أبي إسحاق ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وتغمَّد سيئاته بواسع رحمتك حتى لا تجازيه بشيءٍ منها، وتب عليه مما لا يرضيك في دينك قبل لقائك، وقوِّه على الصدع بالحق وأقدِره، وزده هدًى إلى هداه، وابسط عليه شفاءك الأتم، وبارك دعوته أينما كان، وأطِل في الإسلام عمره ثم أحسن عليه خاتمته؛ إنك أنت البر الرحيم.

إخواني أصدقائي أحبتي؛ رضيتم عن

إخواني أصدقائي أحبتي؛ رضيتم عن الله ورضي عنكم، هلُمُّوا إلي.

هذا منشورٌ أرجو أن يبلغ كل واحدٍ منكم؛ فيثيبني الله ببركاته أجرًا عظيمًا.

بكتاب أخي الدكتور عمرو عبد العزيز “دين المؤتفكات” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الشيخ محمد علي يوسف “إني أنا أخوك” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الأديب محمود توفيق “حكايات القلب المسكين” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الشيخ عمرو عفيفى “الجهود التجديدية في الفقه الإسلامي” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الشيخ أحمد زينهم أحمد “المذهبية الفقهية بين الرفض والقبول”، وبكتاب أخي الأديب علي فريد الهاشمي “الفرائد”، وبكتاب أخي الشيخ د. محمد بدري “أولو بقيةٍ” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الشيخ عمرو الشرقاوي “المُشوِّق إلى القرآن” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي الشيخ محمد وفيق زين العابدين “الشريعة المعجزة” وبسائر كتبه، وبكتاب أخي المهندس معتز عبد الرحمن “حكمةٌ ونصيبٌ: زواجٌ ناجحٌ في مواجهة التحديات” وبسائر كتبه؛ أوصيكم وصيةً آكدةً. غفر الله لي ولهم ولكم وثبتنا ونفعنا ونفع بنا جميعًا.