ترجو من محبوبك البذل لك

ترجو من محبوبك البذل لك من باطنه وظاهره؛ ما لا تبذل معشاره لله!

تحاسبه عسيرًا إذا فرَّط في جنبك؛ وأنت شديد التفريط في جنب الله!

تُؤَنِّبه على لَهوه إذ تحدثه؛ وأنت كثير السهو بين يدَي الله!

تؤاخذه على قليل ذكره لك؛ وأنت قليل تلاوة القرآن وذكر الله!

تَعْذِلُه إذا آثر عليك من هو خيرٌ منك؛ وكم تؤثر ما دون الله على الله!

تُثَرِّب عليه إذا لم يسارع في هواك؛ وأنت تقوم متثاقلًا إلى عبادة الله!

تغار عليه أن يخطر على قلبه غيرك؛ وقد حُشي قلبك بمَساخط الله!

تَلْحَاه إذا أرضى غيرك بإسخاطك؛ وأنت تُسخط الله بإرضاء من سواه!

تُعَنِّفه إذا لم يغضب لغضبك؛ وكم تَهَشُّ في وجوهٍ كثيرةٍ تُغضب الله!

تلومه إذا لم يصالحك بعد جفائه؛ وأنت بطيء الأَوْبة بعد الشرود عن الله!

تعاتبه في ضعف وصاله الظاهر؛ وأنت أضعف ما يكون قلبُك في الصلاة!

تأسى على نُكرانه جميلَك؛ وكم تغفل عن شكر آلاءَ لا يحصيها فيك إلا الله!

تراه كاذب الحب إذا والى عدوًّا لك؛ ولا ترى حب الله دعوى حين توالي عِداه!

تراه جافيًا إذا لم يصلك أيامًا وإنْ بعُذرٍ؛ وكم تهجر الصلاة لا عذر لك عند الله!

لا تقنع بلقائه بعد فراغه من كل عملٍ؛ وأنت تجعل لله فَضْلَة أوقات الحياة!

ترى ذلك حقًّا لك بمقتضى حبك له؛ وأنت العبد لا تؤدِّيه على وجهه حقًّا لله!

لستَ خالق محبوبك ولا رازقه، وخالقك ورازقك وولي كل نعمةٍ فيك الله.

إن ربًّا هو الأول الأعظم؛ لحقيقٌ أن يكون أول محبوبيك في قلبك وأعظمهم.

اللهم أنت أولى بكمال حبي وشواهده؛ فاغفر لي كل ما آثرته هُنَيْهَةً عليك.

اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.

إلى (غير) غجر دواعش الإثم

إلى (غير) غجر دواعش الإثم والعدوان أكتب هذه الإبانة، مستعينًا بمولاي:

لم يخطر مديح أردوغان على قلبي -بعصمةٍ من الله- قطُّ، وليس في صحيفتي عند ربي -بإحرازٍ من لدنه- حرفٌ واحدٌ لا شريك له منطوقٌ أو مكتوبٌ في الثناء عليه خيرًا؛ إنما الشأن كله المُقَايَسَة بينه وبين من هو شرٌّ منه في الحال والمآل عند أَلِبَّاء الإسلام طُرًّا، فأما الذين لم يشأ الله -جلَّت حكمته- أن يبرأ في قلوبهم عقولًا ويذرأ في جماجمهم أمخاخًا؛ فليسوا مخاطَبين بهذا ولا سواه، ومع كل أفعال أردوغان -قاتله الله- ماضيها ومضارعِها وأمرِها؛ لا أزال أرى جواز انتخابه، غيرَ آسٍ على الحضِّ على انتخابه؛ كما لم آسَ على مِثله في مرسي، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما فعلت غير هذا وذاك، إني امرؤٌ متى اعتقدت صوابًا أو ظننته ظنًّا راجحًا؛ جهرت به لا أبالي، اللهم إن ضل نظري في أمري فمن نفسي، اغفر لي وتجاوز عني، وإن اهتديت فبما أوحيت إلي، اغفر لي وتقبل مني، إني أرجو على حالَيَّ أن أكون عندك من الصادقين.

ليس في الوجود شرٌّ محضٌ؛ سبَّب هذا الحرف سِباب بعض أُولاء الغجر في العامِّ والخاصِّ إياي ووالدَيَّ بدعوى موالاة أردوغان؛ فقلت أبين ما عندي في الأمر لمن حقهم علي الإبانة لا لهم. بالطواغيت والطغاة بُلِينا.

اللهم اسقنا من بين فَرْث التفريط ودم الغلو لبنًا سائغًا، واسقه الناس بنا.

كتبت هذا المنشور سنة 2016،

كتبت هذا المنشور سنة 2016، ذاتَ خصومةٍ بين أحبةٍ في الله هنا، وكانت صورة المنشور عبارة أديب الجمال محمود توفيق التي ليس كمثلها في معناها عبارةٌ: “الألواح التي تبقَّت من حطام سفينتنا؛ تشاجرنا بها”؛ قلت:

“اخلع هدومك كلها ياض يا ابن الـ….، ونام عالأرض”.

كنا نتفق على خلعها؛ لكن منا خالعها بنفسه، ومنا من يُخلَّعُها.

لا تبتئس؛ هذا الاتفاق -على كآبته- يوجب الحمد، ما عدنا نتفق على شيءٍ.

كانوا يلقِّبون بعضنا إذ يعذبونهم بألقابٍ للعاهرات، يقول لنفسه: أنا كذا.

لا تبتئس؛ قارئٌ أنت هنا تنابزًا بالألقاب، هي بألسنتنا أوقحُ وأقبحُ.

كنا نعلَّق على الأبواب عراةً، كنا نُرْعَب في دامس الظلام إرعابًا، كانوا يعبثون بصواعق الكهرباء في أجسادنا؛ فنتقافز من لسعها بين أيديهم.

لا تبتئس؛ نحن هنا -وقد انتصرنا على كل عدوٍّ- ينهش بعضنا بعضًا.

كان نصيب السوآت بالسوية في تعذيبنا؛ للأقبال لفُّ أسلاك الكهرباء حولها، وللأدبار الضرب بالعِصِي، أو إدخالها فيها، أو إطفاء السجائر عليها.

لا تبتئس؛ هنا هتك السوءات في الخصومات أبشعُ وأشنعُ.

كانت صرخات المعذبين في دياجير الليالي؛ تكوي أفئدتنا كيًّا.

كان جُؤار الشاكين إلى الله المُرَّ سُجَّدًا؛ يخلع قلب الميت من نِيَاطِه.

كان بكاء الوالد ولدَه، وذِكر الولد والدَيه؛ كافٍ لإبئاسك يقظان نائمًا.

لا تبتئس؛ قد خلَّصنا كل أُسارانا، وفرغنا من القصاص للحرية السليبة.

صفع قفاي كافرٌ منهم أحد عشر مرةً عددتها عدًّا؛ وأنا مكبَّل اليدين من الخلف، معصوب العينين، عارٍ لا يسترني شيءٌ من ثياب الناس، ما كانت جريمتي وقتئذٍ غير سقوط عصابة عينيَّ عنهما شيئًا يسيرًا، وبغير اختيارٍ مني.

لا أذكر أني حركت من قهرٍ ساكنًا؛ أما هنا فليجرب مسلمٌ المساس بي.

كانوا يسبون لنا الله والدين، والسادة النبيين، وآباءنا وأمهاتنا أحياءً وميتين.

لا أذكر أني سمعت شجاعًا من أحبتي؛ يُظهر لهم ضجره بهذه اللعنات.

أما هنا؛ فكيف نتغافل عن إيذاء أخٍ! وأنَّى نتغافر بغي صديقٍ!

سأل أخٌ لنا الملاعين قضاء حاجته؛ فلم يجيبوه حتى بال في ثوبه وتغوَّط.

وبكي الكريمُ منَ الهوانِ فدَيتهُ ** واشتدَّ فيهِ لِمَا اعتراهُ منَ الخجلْ

قلبي الآن وجِعٌ، وعبراتي من تذكار ذلك الذل تكاد تحرق لحم وجهي.

ذكرت هذا السواد بليلتي السوداء هذه؛ ما سوَّدها إلا تباغض الأحباء.

هو ليس بغيًا لأنا نحق الحق، وليس فجورًا فإنا نبطل الباطل، وربك الخبير البصير لا ينطلي عليه زيفٌ ولا بهرجٌ؛ ليس إلا إِحَنُ النفوس وأوضارها.

تعس حُداء أبي البقاء في أيامٍ تشبه أيامكم هذه حين قال:

ماذا التقاطعُ في الإسلامِ بينكمُ ** وأنتمُ يا عبادَ اللهِ إخوانُ

أما أنا فلا أحدو فيكم بمِثله؛ بل أقول:

ادأبوا في تناحركم، واكدحوا في تدابركم.

ما أغنى وليكم عنكم! وما أفقر عدوكم إليكم!

اتفقوا على ألا تتفقوا، واجتمعوا على ألا تجتمعوا.

لا تختلفوا بغير مُهَارَشَةٍ، ولا تناصحوا بغير مُفَاحَشَةٍ.

تفنَّنوا في الخصومات ألوانًا، ولا تكونوا عباد الله إخوانًا.

صدِّقوا أنفسكم في أوسع كذباتها الخفية: “لا بد من المفاصَلة”.

لا إله إلا الله الرقيب؛ إليه تصعد شِكايات الإسلام، وظُلَاماتُ أهله يرفعها.

أيها الإخوة؛ إن بالعراء لاجئين، ومن الحرائر ثكالى، وبالزنازين شيوخًا وأطفالًا.

ضُحَاكم كلُّ ما في هذه

ضُحَاكم كلُّ ما في هذه الأبيات من لطافة المباني وجلالة المعاني:

ما أبصرتْ عينايَ منذُ فتحتها ** لطفًا كلُطفِ اللهِ في أيامي

قالوا اتخذْ لكَ جاهًا تستعزُّ بهِ ** قلتُ اتخذتُ فكُفُّوا حسبيَ اللهُ

تعصيهِ وهوَ يسوقُ نحوكَ دائمًا ** ما لا تكونُ لبعضهِ تستأهلُ

لوْ لمْ تُرِدْ نَيْلَ ما أرجو وأطلبهُ ** منْ جُودِ كَفِّكَ ما عودتني الطلبا

وضَمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ ** إذا قالَ في الخمسِ المؤذنُ أشهدُ

إنَّ الرسولَ لنورٌ يستضاءُ بهِ ** مهندٌ منْ سيوفِ اللهِ مسلولُ

هوَ الحبيبُ الذي ترجى شفاعتهُ ** لكلِّ هولٍ منَ الأهوالِ مقتحمِ

المصلحونَ أصابعٌ جُمِعتْ يدًا ** هيَ أنتَ بلْ أنتَ اليدُ البيضاءُ

سنظلُّ في جبلِ الرُّماةِ فخلفنا ** صوتُ النبيِّ يهزنا لا تبرحوا

وبيومِ بدرٍ إذْ يردُّ وجوههمْ ** جبريلُ تحتَ لوائنا ومحمدُ

كنا نرى الأصنامَ منْ ذهبٍ فنهدمها ونهدمُ فوقها الكفارا

يا منْ غدوتَ إلى القرآنِ تَحفظهُ ** بشراكَ إنكَ بالمحفوظِ محفوظُ

فإنْ كنتُ أرجو اليومَ شيئًا فإنهُ ** وفاتي على الإسلامِ غيرَ مبدِّلِ

فأينما ذُكِرَ اسمُ اللهِ في بلدٍ ** عددتُ ذاكَ الحمى منْ صُلبِ أوطاني

وأذلُّ خلقِ اللهِ في بلدٍ طغتْ ** فيهِ الرزايا منْ يكونُ محايدا

همتي همةُ الملوكِ ونفسي ** نفسُ حرٍّ ترى المذلةَ كفرا

تحلو مرارةُ عيشٍ في رضاكَ وما ** أطيقُ سخطًا على عيشٍ منَ الرغدِ

فلا تمشِ يومًا في ثيابِ مَخِيلَةٍ ** فإنكَ منْ طينٍ خُلِقتَ وماءِ

تقفونَ والفَلَكُ المُسَخَّرُ دائرٌ ** وتُقَدِّرونَ فتضحكُ الأقدارُ

يا غافلًا ولهُ في الدهرِ موعظةٌ ** إنْ كنتَ في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ

وتشهدُ كلَّ يومٍ دفنَ خِلٍّ ** كأنكَ لا تُرادُ بما شهدتا

واستغنِ باللهِ عنْ دنيا الملوكِ كما استغنى الملوكُ بدنياهمْ عنِ الدينِ

وما الناسُ إلا هالكٌ وابنُ هالكٍ ** وذو نسبٍ في الهالكينَ عريقِ

هَبِ الشبيبةَ تُبدي عذرَ صاحبها ** ما بالُ أَشْيَبَ يستهويهِ شيطانُ

يا نائمَ الليلِ محزونًا بأولهِ ** إنَّ المباهجَ قدْ يأتينَ أسحارا

لولا المشقةُ سادَ الناسُ كلهمُ ** الجودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ

وأحلى الهوى ما شكَّ في الوصلِ ربُّهُ ** وفي الهجرِ فهوَ الدهرَ يرجو ويتقي

يا بائعًا حظَّهُ مني ولو بُذِلتْ ** ليَ الحياةُ بحظي منهُ لمْ أبِعِ

يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ ** ناداكمُ يا أهلَ ودِّي قدْ كُفِي

وأرى ملوكًا لا تحوطُ رعيةً ** فعلَامَ تؤخذُ جِزيةٌ ومُكوسُ

أَبُنَيَّ إنَّ البرَّ شيءٌ هيِّنُ ** وجهٌ طليقٌ ولسانٌ ليِّنُ

واذكرْ فضيلةَ صُنعِ اللهِ إذْ جُعِلتْ ** إليكَ لا لكَ عندَ الناسِ حاجاتُ

وإذا الهمومُ على الكُتوفِ تشعبطتْ ** فاهزأْ بهنَّ وقلْ لها يا اخْتِي انزلي

من حفظها اليوم أو في غدٍ؛ فليبشرني بتعليقٍ: “حفظتها بحمد الله”.

هل يجتمع الحب والأذى؟ ما

هل يجتمع الحب والأذى؟

ما بقينا أَنَاسِيَّ وفي هذه الحياة الدنيا فنعم؛ لا بد من حبٍّ ولا مناص من أذًى، إنما الحب الذي لا أذى بين يديه ولا خلفه؛ فالذي هو كائنٌ في دار السلام جوارَ الله، تلك الجنة التي قدَّس الربُّ فيها كل شيءٍ عن كل شرٍّ أن يُمَازِجه.

بَيْدَ أن صادق الحب لا يقصد إلى إيذاء محبوبه بسببٍ من الأسباب على حالٍ من الأحوال، بل لو قصد أذاه طرفة عينٍ فما دونها أخطأه، أَنَّى يروم أذاه وما حبُّه إلا اشتهاءُ قلبه أن يُنْعِم بالحب ويَنْعَم! فهما ضدَّان لا يجتمعان.

فإذا هو غُلِب ساعةَ وَهَنٍ في الحب أو غفلةٍ من العقل فآذى محبوبه نفسًا؛ لم يؤذه حِسًّا، وإذا آذاه حِسًّا لم يؤذه نفسًا، هو في ذلك كالعبد الصالح في جَنب الله؛ إذا غُلِب على معصيةٍ لم يجتمع عليها بكُلِّيته، إن يَغِب شطرُ قلبه عن شهود جلال الرب حالَ الذنب؛ يَحضر شطرُه الآخر في شهود الجمال.

ثم إنه مهما نأى يؤوب من قريبٍ، لا قِبل لقلبه بالجفاء ولا طاقة لروحه على البِعاد، يرى مجرَّد صدور الأذى عنه أعسر حسابٍ جُوزيَت به نفسُه من نفسه، فيُقبل على محبوبه معتذرًا إلى ذاته فيه ثم إليه في ذاته، فليس ثَمَّ إلا نفسُ واحدةٌ ذاتُ شِقَّيْن، قد شاء الجبَّار لهما من بعد عارض البُعد التئامًا.

ومن كانت تلك رُتبة محبته؛ لم يسع محبوبه إلا الهرولة بقبول اعتذاره، والخضوع عند استغفاره، ومبادلة استعفائه بانكساره؛ إلا قدَرًا مقدورًا.

لا تُكَلِّفوا من تحبون كلَّ

لا تُكَلِّفوا من تحبون كلَّ ما تحبون.

عامتنا يحب بعد جوعٍ قلبيٍّ شديدٍ، وصبرٍ على ظمئه مديدٍ، فإذا أحب أسرف في الإقبال، وأسرف في الرغبة، وأسرف في الرجاء، فيُكَلِّف محبوبه كل مشتهَيات الحب؛ عاجلةً غيرَ آجلةٍ، مجموعةً غيرَ مفرَّقةٍ، تامةً غيرَ منقوصةٍ، بلسان مقاله حينًا، وبلسان حاله أحيانًا، وهو بلاءٌ خفيٌّ واسعٌ مكينٌ.

يُعَظِّم هذا البلاء المبين أمران؛ وقوعه من صاحبه -أكثرَ الأحوال- بغير وعيٍ به وقصدٍ له؛ فأنَّى يعافى منه! الثاني: أن المسرف يُغَلِّف سَرَفَه بغلاف الحب (تفسيرًا وتبريرًا)، والاحتيال بالحب آسِرٌ أخَّاذٌ.

يزيد داءَ المحبوب عِلَّةً قبولُه السرفَ بل استمتاعه به أولَ الأمر؛ لحاجته إلى الحب وافتقاره إلى آثاره، ويزداد طينُ المحب بِلَّةً إذا كان خفيف الديانة والعقل والمروءة جميعًا، ولو ثقُل لكان خفيفًا لطيفًا.

يا رِقاق الأفئدة والأكباد؛ إن الحب قوتٌ؛ يشبه سائر الأقوات في مَعانٍ، ويُبَايِنُها في أخرى، وإن له فقهًا؛ منكم من يكتسبه، ومنكم من يُلْهَمُه إلهامًا، “نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم”، “وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا”.

#في_حياة_بيوت_المسلمين. صَهْ يا صديقي؛ أربعةٌ

#في_حياة_بيوت_المسلمين.

صَهْ يا صديقي؛ أربعةٌ لا تقبل المرأة فيهن مزايدة الرجال عليها؛ الأنوثة والصداقة والتبعُّل والأمومة، مهما بلغت فيهن أخطاؤها والخطايا، وتتابعت فيهن كوارثها والرزايا؛ ألا إنَّ كلكم جرَّب مثل تجربتي، فعرف مثل معرفتي.

فإذا نصحت لذاتِ قرابةٍ -ذاتَ جنونٍ- في ضلعٍ من هذا المُرَبَّع المُبَجَّل -أبًا أو أخًا أو زوجًا أو ولدًا أو جدًّا أو حفيدًا أو خالًا أو عمَّا أو ابنَ أخٍ أو ابنَ أختٍ أو مُحَرَّمًا بالرَّضاع أو مُحَرَّمًا بالمصاهرة- فترفَّق بها وتلطَّف، وترقَّق لها وتعطَّف، ثم لا تظن بنفسك -وغدًا لئيمًا- إلا ما يليق بك من أنواع الشرور ودرجاته.

ثم اعلم أنك -إذ خطرتْ لك المزايدة عليها ببالٍ، وطافت لك بخيالٍ، ودارت لك بمجالٍ- شريرٌ باغٍ، مُبِيرٌ طاغٍ، بِتَّ ليلَك تمكر لها المكائد، وقطَعت نهارَك تَحِيك لها الشدائد، ما رجاءُ باطنك إلا تكسيرُ عظامها، ولا جهدُ ظاهرك إلا تدميرُ حطامها، لا ترقُب فيها إلًّا ولا ذمَّةً، ولا تساوي في سوق الرجال مثقالَ رِمَّةٍ، لم يُكتب لك في فهم بنات حواءَ حظٌّ، ولم يُقسَم لك من الشعور بهن نصيبٌ.

أما ما سوى هذه الأربعة؛ فتقبل المرأة فيه نصيحتك؛ إذا أفشيت لها السلام، وألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، وصليت ابتغاء رضاها بالليل والناس نيامٌ، وسألت الله توفيقه في نصحها بين الركن والمقام. يا مسكين؛ رَيَّحِ المدام.

كم يسألني عن جِماع الأمر

كم يسألني عن جِماع الأمر في الطريق إلى الله سائلون!

أيها المتعشقون رضوان الله الأكبر في فردوس جناته الأعلى؛ هلموا:

هذا جواب إمامنا ‍الذهبي كافيًا شافيًا؛ وددت -والله- أن يبلغ قولُه كلَّ مسلمٍ في الأرض، قال رضي الله عنه: “فوالله إن ترتيل سبُع القرآن في تهجد قيام الليل، مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودُبُر المكتوبة والسَّحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلَصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعةٍ بخشوعٍ وطمأنينةٍ وانكسارٍ وإيمانٍ، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة، وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك؛ لشغلٌ عظيمٌ جسيمٌ، ولَمَقامُ أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين”.

ربنا قد علمتنا من عبدك الذهبي الذي تحب هذه الذهبيات التي تحب؛ فارزقنا العمل بها، وأعنا على الصدق والإخلاص فيها، وثبتنا عليها، لا إله إلا أنت.

حكاية شيءٍ في لا شيء!

حكاية شيءٍ في لا شيء!

لا شيء، ثم لا شيء، ثُمَّتَ لا شيء.

ما كان شيءٌ ولا شيء كائنٌ ولا يكون شيءٌ؛ إلا ما شاء الله من شيءٍ.

الله أكبر شهادةً، وأكبر شيءٍ.

الله القادر القدير المقتدر على كل شيءٍ.

الله أوَّل وآخر شيءٍ.

الله أظهرُ وأبطنُ شيءٍ.

الله العليم المحيط بكل شيءٍ.

الله السميع البصير كل شيءٍ.

الله المُقيت الوكيل الحفيظ الحسيب كل شيءٍ.

الله المُقَدِّر -بعلمه، وكتابته، ومشيئته، وخلقه- كل شيءٍ.

الله الشهيد الرقيب على كل شيءٍ.

الله المُنْطِق كل شيءٍ.

الله المُحْصِي عدد كل شيءٍ.

الله الكاتب كل شيءٍ.

الله المُفَصِّل كل شيءٍ.

الله الذي ملكوت كل شيءٍ بيده، وعنده خزائن كل شيءٍ.

الله الذي ما شاء كان، وما لم يشأ فليس بشيءٍ.

الله الذي يقضي بالحق، ومَن دونه لا يقضون بشيءٍ.

الله الذي لا يُحاط بشيءٍ مِن علمه؛ إلا بما شاء من شيءٍ.

الله الذي ليس كمِثله في ذاته وأسمائه وصفاته وأقواله وأفعاله؛ شيءٌ.

الله القيوم على كل شيءٍ.

الله المُخْلِف على كل عبدٍ ما أنفق ابتغاء وجهه الأعلى؛ من شيءٍ.

الله الذي سوى وجهه هالكٌ كل شيءٍ.

ما فرَّط الله في كتابه من شيءٍ.

الله الذي أنزل من السماء ماءً، فأخرج به نبات كل شيءٍ.

ما كان لنا أن نشرك بالله من شيءٍ.

كيف نشرك بالله ما لم يخلق شيئًا؛ والله خالق كل شيءٍ!

أغير الله نبغي ربًّا؛ وهو رب كل شيءٍ!

أسوى الله نبتغي حَكمًا؛ وهو خير الحاكمين في كل شيءٍ!

حتى نقيم ما أنزل الله إلينا؛ لسنا على شيءٍ.

كلما تواصينا بالحق والصبر والمرحمة كما أوجب الله؛ نحن أظفرُ شيءٍ.

إذا تباغضنا وتدابرنا -عصمنا الله- فنحن أخسرُ شيءٍ.

وسِع ربُّنا رحمةً وعلمًا كل شيءٍ.

أحسنَ الله كل شيءٍ خلَقه، وأتقن كل شيءٍ.

الله رب كل شيءٍ، وبه وله كل شيءٍ.

لا يخفى على الله في الأرض ولا في السماء؛ شيءٌ.

نحن بكل شيءٍ دون الله لا شيء.

نحن بالله وحده غيرَ مشركين به شيئًا؛ كل شيءٍ.

لسنا إن عصينا الله -فأصررنا- على شيءٍ.

لا يضرُّنا أحدٌ ما نفعَنا الله بشيءٍ.

لا ينفعُنا أحدٌ -ما أُضِرْنا- بشيءٍ.

لو أن أوَّلنا وآخرنا وإنسنا وجنَّنا كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منا؛ ما زاد ذلك في ملك الله من شيءٍ، ولو أن أوَّلنا وآخرنا وإنسنا وجنَّنا كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منا؛ ما نقص ذلك من ملك الله من شيءٍ.

لو أن أوَّلنا وآخرنا وإنسنا وجنَّنا قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوا الله كل ما يريدون، فأعطاهم أجمعين سؤلهم؛ ما نقص من ملكه من شيءٍ.

إن الله لا يَكْفُر عبدًا خيرَه، ولا يَلِتُه من عمله من شيءٍ.

خلق الله زوجين من كل شيءٍ، وبقي لا شريك له في أحديته من شيءٍ.

عِياذًا بعزة الله ورحمته من شر كل شيءٍ.

لِياذًا بأعتاب أبواب ربنا من سوء كل شيءٍ.

فِرارًا إلى كمال جمال جلال الله من كل شيءٍ.

ليس لنا من الأمر شيءٌ.

نحن الظالمون أنفسَنا؛ والله المقدَّس عن الظلم كله بشيءٍ.

لا تغني أسبابُنا كلها من الله من شيءٍ.

إنما قول الله كن فيكون لِمَا أراد من شيءٍ.

أنزل الله الكتاب تبيانًا لكل شيءٍ، وتفصيل كل شيءٍ.

الحاكمية والحُكم والتحاكم لله وحده؛ في كل ما اختلفنا فيه من شيءٍ.

خلق الله كل شيءٍ بقدَرٍ، وجعل لكل شيءٍ قدْرًا، وبمقدارٍ عنده كل شيءٍ.

لله دعوة الحق، والذين يدعونهم المشركون لا يستجيبون لهم بشيءٍ.

لله تسبح السماوات والأرض ومن فيهن، ويسبح بحمده كل شيءٍ.

يوم القيامة لا تَجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا، ولا تملك نفسُ لنفسٍ من شيءٍ.

لا تغني عن كافرٍ أمواله وأولاده من الله من شيءٍ.

المتخذون الكافرين أولياء؛ ليسوا من الله في شيءٍ.

من يرد الله هداه لم يضلَّه شيءٌ، ومن يرد ضلاله فلا هادي له من شيءٍ.

الله المُعَدُّ على كل حالٍ لنا وحينٍ لكل رغبٍ ورهبٍ، ولكل شيءٍ.

ما حقُّ من أحسن قدَره وشرْعه إحسانًا؛ أن يُرفع إليه من قبائحنا شيءٌ.

الله أجمل شيءٍ، الله أجلُّ شيءٍ، الله أعظم شيءٍ، الله مليك كل شيءٍ، الله المهيمن على كل شيءٍ، الله رب كل شيءٍ (إيجادًا وإعدادًا وإمدادًا وإسعادًا)، وما شاء في شيءٍ من شيءٍ، الله وارث كل شيءٍ، الله جامع كل شيءٍ.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ عدد ما في الوجود من شيءٍ، ما ظهر وما بطن من شيءٍ.

لا شيء، ثم لا شيء، ثُمَّتَ لا شيء.

(لا شيء): حكاية كل شيءٍ.

أحمد عرفة وإسماعيل جاد؛ عبدان

أحمد عرفة وإسماعيل جاد؛ عبدان حشاهما الله مروءةً وجمالًا.

ربنا أعجِب بنجاتهما أولياءك، وأغِظ بثباتهما أعداءك، وأمثالهما جميعًا.

نقل الأول للثاني بيتًا قلته هازلًا: ألا لا يألِشَنْ أحدٌ علينا، فنشره الثاني، فعجبت كيف بلَغه! وكتبت له هذه الأبيات، كان ذلك يوم 30 يونيو 2014.

بأيِّ وسيلةٍ سُمْعَهْ بنَ جادٍ
أتاكَ البيتُ بيتَ ابنِ اللذينا

ألا لا يألِشَنْ أحدٌ علينا
فنألِشَ فوقَ ألْشِ الآلِشينا

بلى قلناهُ في ساعاتِ ألْشٍ
وقدْ كنا بليلٍ ساهرينا

نُؤزئزُ لُبَّنا سُوري وأبيضْ
ونَهْري في الفَواكسِ عابثينا

نفُكُّ نفوسَنا عن مُوجعاتٍ
أبَتْ إلا تُخامِرُنا فُنونا

فمنْ أَفْشَى حوارًا بِاسْتُخُبُّسْ
فأَظْبُطَهُ ولوْ كانَ القرينا

وإنَّ غتيتَ قارئِنا سئيلًا
سيُبْصِرُنا غُفاةً غافلينا

يقولُ أتضحكونَ وذي البلايا
فواتِكُ زعَّلتنا أجمعينا

وذا اليومُ الكئيبُ بشهرِ يونيو
وأنتمْ هاهنا تفَّاكهونا

ولكنا مُجيبوهُ بقولٍ
عتيقٍ عمرُهُ فحْتُ السِّنينا

ألا شرُّ البلايا مضحكاتٌ
فدَعْنا واطَّرِحنا ضاحكينا

وقدْ قالَ الكتاتني لا تُزايدْ
فصارتْ سُنَّةً فيما رُوينا

وإنَّ اللهَ علامَ الخفايا
لَيَعلمُ وحدهُ ما حزَّ فينا

حبيبي أنتَ إسماعيلُ حقًّا
وأنتيمي بصحبٍ أكرمينا

ورُبَّ صديقِ فيسبوكٍّ حديثٍ
يسابقُ في هوانا أقدمينا

اللهم أخرج عبدَيك أحمد وإسماعيل من السجن، وسائر أسرانا أجمعين، قريبًا غير بعيدٍ، بكن منك فيكون؛ لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.