رب اجعل مقالي هذا مباركًا:

رب اجعل مقالي هذا مباركًا:

رمضان جبَّار الكُسور، رمضان تمَّام النُّقوص.

رمضان جبَّار الكُسور: يَجبر ما انكسر من طاعاتك السالفة.

رمضان تمَّام النُّقوص: يُتم الذي نقص من إيمانك بمعاصيك السابقة.

ألَا من بلَغه عن الله ورسوله أن رمضان كذلك وخيرٌ من ذلك، وهو مَن هو تفريطًا في الطاعات ومقارفةً للمعاصي، مُذ جرى عليه قلم الحساب بعد تكليفه، ثم ضيع رمضان الآتي كما ضيع سواه؛ فمَن في الدَّارين منه أَبْأَس!

أخا ديني؛ لماذا يموت قبل رمضان أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت حيًّا! لماذا يُسجن قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت طليقًا! لماذا يمرض قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت صحيحًا! وفوق ذلك كلِّه؛ لماذا يُفتن عن الإسلام قبله أُناسٌ؛ وتَبلغه أنت ثابتًا! ما لك عند الله حتى يُبَلِّغك شهره حيًّا طليقًا صحيحًا ثابتًا! لا شيء غيرُ مِنَّة المَنَّان يا حبيبي.

أفشُكر الرب الذي بهذه (مجموعةً) أحسن إليك وجاد عليك؛ أن تُضَيع رمضان!

ويحك حمزة! ألست مخلوقًا من العدم للعبادة وحدها! ألست مفرِّطًا عامَّةَ العامِ -بل العمرِ- فيها! ألست ملاقيًا ربك يومًا -لعله يومك هذا- فمُجَازيك بتفريطك ذلك! أليس تبليغ الله إياك شهره الأكرم هذا لتستدرك بما تطيق لا بأكثر؛ قدَرًا منه رؤوفًا جابرًا، وقضاءً من لدنه رفيقًا مسعفًا؛ ! أليس الله بقادرٍ قديرٍ مقتدرٍ ألا يُبَلِّغكه كما لا يزال فاعلًا بأُمَمٍ من الناس سواك! فكُفَّ عن النِّياحة يا مسكين فإنها نهَّاشةٌ لقُوَّتك نهَّابةٌ لوقتك، واستعن بمن كلُّ الخير بيدَيه، على فعل خير الخير لديه، في أكرم الزمان جميعًا عليه؛ (تقواه حَقَّ تُقَاته)، ولعله آخر رمضان لك كما كان سابقُه آخر رمضان لغيرك، وأبشر بعون ربٍّ لا أحبَّ إليه من عون عبده على عبادته، إنك لست للإنقاذ أهلًا؛ لكن الله أهلٌ له ولكل جميلٍ، وإنه عند ظن عبده به؛ كيف إذا كان يقينًا لا ظنًّا! ليرحمنك.

“من أدرك رمضان فلم يُغفر له؛ فأبعَده الله”؛ دعاءٌ دعا به ملَكٌ هو جبريل، وأمَّن عليه نبيٌّ هو محمدٌ، صلَّى الله على أمين الأرض وأمين السماء وسلَّم، بالله أُعيذ نفسي وإياك أن يصيبنا منه شيءٌ، فنَبيت بعد فوات شهرنا ندامى.

يا حمزة؛ إن شهر الله النبيل إن تم فثلاثون يومًا، وإن الله لم يجعل قضاء (كل ساعاته) في تنسُّكٍ مشروعًا ولا مباحًا، وأَنَّى! بل علم أنك لا بد نائمٌ حينًا، وطاعمٌ حينًا، وذاهلٌ حينًا، وقاطعٌ قليلًا منه أو كثيرًا في إصلاح معاشك؛ فما بقي لك من زمانه تطيع فيه الله ببعض ما يليق بك عبدًا وينبغي له ربًّا؛ يستوجب كل هذا الترغيب وجميع ذلك الترهيب! إنهما ثِنتان؛ أحسِن التصور، وكن رجلًا.

دعاؤك إلى رمضان؛ رب اغفر لي موجبات الخذلان في رمضان قبل بلوغه، وكما تُصْلح المَهْدِيَّ آخرَ الزمان في ليلةٍ للأمر الأعظم؛ أصلح فساد حالي فيما بقي من زمانٍ قبل الشهر المعظَّم، أنت على إصلاحي قديرٌ، وإني عبدٌ أحبك.

المحمودُ اللهُ عزَّ جلالُه، والمُصَلَّى

المحمودُ اللهُ عزَّ جلالُه، والمُصَلَّى عليه محمدٌ وآلُه.

أُحبكمْ حبَّ الشحيحِ مالَهُ ** قدْ ذاقَ طعمَ الفقرِ ثمَّ نالهُ

لو أن لي بفتح صفحتي قوةً يومًا أو بعض يومٍ؛ ما وسعني التفريط في جَنْب أفذاذِ أهل السماء في الأرض، سلاطينِ الأَناسيِّ قاطبةً، حُرَّاسِ عقايد الإسلام وشرايعه، عماليقِ البرِية المرابطين بأكناف بيت المقدس، وأشباهِهم تحت أديم السماء؛ بكلمةٍ أناصرهم فيها وأؤازرهم، متملَّقًا بها وجه ربي الأعلى.

السلام على أحقِّ الناس بحُسن صَحابتي ودودةِ الروح وصولةِ الفؤاد راسخةِ الإحسان كرَوَاسِيِّ الأوتاد والدتي، وعلى المُثَلاء النُّبَلاء أهل بيتي ذكرانهم والإناث، وعلى الأماجد أهليهم ومن كان فيهم، وعلى المُطَيَّبين أبنائنا والحَفَدَة، وعلى وَصَاة الرحمن عند ساق عرشه العظيم أرحامي بعامَّةٍ، وعلى الجليلة خالتي والجميلة عمتي والشيخين الحبيبين خاليَّ الكريمين منهم بخاصَّةٍ، وعلى كل من صاحبت ومن جاورت أينما سكنت، وعلى أفراد ودادٍ كان وصالهم إياي هنا آناء ليلي وأطراف نهاري غير ممنونٍ، الذين ما أَسِفَتْ نفسي على شيءٍ بعد تعطُّل الماسنجر ((الذي لا يزال)) وتعسُّر فتحي الصفحة؛ أَسَفَها على فوات حظها من ظلال إيناسهم باردًا كريمًا في هجير غربتي، وعليكم إخواني وأخواتي أُولي القصد والمرحمة والنُّهى، ورحمة الله وبركاته، في دُوركم الثلاثة.

ذا الجلال والإكرام ربَّ القُوَى والقُدَر؛ نصرَك لمجاهدينا، وإنجاءَك لأسرانا، وشفاءَك لمرضانا، ولُطْفَك بمُبتلانا، ورحمتَك بموتانا، وبالقرآن والسنة فَزَكِّ قلوبنا، ونوِّر دروبنا، وأصلح عيوبنا، واغفر ذنوبنا، واكشف كروبنا، ولا تجعل عقوبتنا بما نستأهل في خذلان سادة سُكَّان الغَبْراء مواليك الذين تقاتل بهم عدوك وعدونا؛ مثقالَ ذرَّةٍ من شيءٍ في طرفة عينٍ من زمانٍ بِقِيد أُنْمُلَةٍ من مكانٍ أو أدنى. ألَا إن العقوبة حقَّ العقوبة تلك وجلالِ جِبْرِيَائِك الأعظم.

فَجَع قلبي موتُ عمي الشيخ المهندس محمد أخي عمي الشيخ الدكتور أيمن! ملأ الله جَدَثَيهما نورًا وحبورًا وخيرًا بينهما موفورًا، بغفرانه الأكرم ورضوانه الأكبر وما قبلهما وبعدهما من رحمةٍ وسعت كل شيءٍ، واخلف اللهم دينك وعبادك بخير العِوَض؛ إنك المولى وبالمِلَّة الغرَّاء أولى، وثبِّتنا على طريق معاداة الطواغي والقبوريين القصوريين خُدَّامِهم حتى نلقاك مُمَسِّكين.

كان الشيخ آيةً في الحكمة والحِلم والأدب والوقار، قد آتاه الله من لدنه رحمةً وهيَّأ له من أمره رَشَدًا، كثيرَ الصمت إلا عن خير القول إحقاقًا للحق وإنصافًا للخلق، ما خالطه مسلمٌ في السراء والضراء إلا بَهَرَه حُسن خلقه، ليس أَضْوَأَ من صبره الجميل بعد صفحه الجميل إلا هجره الجميل، حتى لو أن أدنى كافرٍ بالله يعاديه أقصى العداوة لكنَّ الله لم يَعدم نفسه أَثَارَةً من عدلٍ؛ لقال في جمال خليقته وجلال طريقته حقًّا وأعاد، ولقد ورِث إباء النفس كابرًا عن كابرٍ، وحسبُه -بعد إسلامٍ وسنةٍ وهجرةٍ وطلب علمٍ وكثير عبادةٍ وسَجنٍ في سبيل الله اشتد وامتد- أُخُوَّةُ أيمن وموالاة أسامة؛ جمعًا بهم اللهم في فردوسك الأعلى.

الأرضُ في عينَيهِ خردلةٌ ** وعلى عبيدِ الأرضِ نعلاهُ

العزُّ في كَنَفِ العزيزِ ومنْ ** عبدَ العبيدَ أذلَّهُ اللهُ

أخا ديني؛ كل البلايا دون دينك عافيةٌ، ولئن ابتُليت فصبرت فقد ابتُلي قبلك المحفوظون بالإسلام -حافظين له- فصبروا؛ فاليوم ذِكرهم على البسيطة بفرائد المناقب هو الذِّكر، وغدًا بأرض المحشر -بحمد ربٍّ اشترى منهم أنفسهم مستغنيًا عنها، فباعوه إياها فقراء إليه- يكون ثناؤه عليهم هو الثناء.

لك اللهم الحمد جزيلًا وعليك الثناء جميلًا؛ بما شرَّفتني بلقاء وَلِيِّك ذا، وبالسماع منه والحديث إليه، وبأن يسرت مني سؤاله -فيما لا يُسأل فيه إلا توحيديٌّ ناسكٌ فاقهٌ مثلُه- ويسرت منه الجواب، وبما أَفْضَلْت علي من صحبة القوم فيما قُطِع من السبيل؛ فصاحِبهم وإياي بجُودك في سائره، غيرَ معامِلي ببعض ما أستحق من الفتون والإقصاء؛ إنك المحبوب المرجوُّ المرهوب، وإنا محاويجك.