اغتنم طاقتك البِكْر في أعظم

اغتنم طاقتك البِكْر في أعظم أعمالك، واجعل سائر يومك لسائر ما عليك.

طاقتك البِكْر هي نشاطك أولَ صحوك، وأوفاها بركةً ما كانت بعد نوم الليل بين الفجر إلى الظهر، من بدَّدها في صغائر المهمات لم يجد مثلَ كَمِّها وكَيفِها لكبير المهمات؛ فكيف بمن يبعثرها في السَّفاسِف!

إن سائر يومك مفرَّقٌ بالشواغل ممزَّقٌ بالصوارف، وإنك لن تظفر بمثل هذه القطعة الطويلة من الوقت فيه إذا فاتتك؛ فاحرص على اغتنامها، ومن كان ولا بد ساهرًا الليلَ فلا يُضيِّع رَيْعَانَه، واستعينوا بالله.

كان لا يتْبَع في المسموعات

كان لا يتْبَع في المسموعات والمقروءات والمرئيات إلا ما تَفِهَ وسَفُهَ؛ حتى ظننت أنه إذا خُيِّر بين تافهين -فيما يُطالِع- فسيختار أسْفَهَهُما، وظنُّ السُّوء إذا وضعتَه موضعَه كان أحسنَ الظن.

كان يتعلَّل -كلما نُصِح له في هذا- بحاجة نفسه إلى الترفيه بما طَرُفَ من الكلام وظَرُفَ، وأنه راجعٌ بعد هذه الجولة القصيرة إلى معالي الأمور، وأنه يَسْتَجِمُّ من جَهدٍ جَهيدٍ (لم يُرَ قطُّ له باذلًا).

أذْكَرَني هذا المُتبائسُ حالَ صَديقٍ كان لا يهرب بالنوم من النوم إلا إلى النوم، فكنت أقول له -ممازحًا بين جِدَّين-: نم من الفجر إلى الظهر، ثم نم القيلولة؛ حتى تستطيع النوم مرتاحًا بعد العشاء.

ليس الشأن أن محتاج قليل الراحة هو كثير التعب، ولا أن ما تحِيد منه من الواجبات لا يحِيد منك؛ الشأن أن من أَنِسَ بشيءٍ استوحَش بضِدِّه، اليومَ هذا المُتلهِّي يولِّي مما ينفع، ويفرُّ مما يفيد.

نسألك عددَ ما نزل من

نسألك عددَ ما نزل من السماء من ماءٍ، وعددَ ما أصاب في الأرض من مواقع القَطْر؛ أن تصُبَّ على فراعنة مصرَ الذين طغَوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد سَوْطَ عذابٍ، وأن تلعنهم لعنًا كبيرًا، وأن تنْجِي المستضعفين فيها وفي مشارق الأرض ومغاربها؛ لا إله إلا أنت بالمرصاد وعلى كل شيءٍ قديرٌ.

إذا شرَعت في معصيةٍ غلبتك

إذا شرَعت في معصيةٍ غلبتك وأعاذك الله أن تغلبك، ثم تصدَّق ربك عليك -لطيفًا بك منقذًا لك- بالحَيْلُولَة بينك وبينها مخيًّا أو عمليًّا؛ فلا ترجع إليها؛ فإنها غير مقصودةٍ لنفسها؛ بل شهوةٌ عابرةٌ.

لو كان الذين يستعجلون اللهَ

لو كان الذين يستعجلون اللهَ ما يرجونه من متاع الحياة الدنيا؛ هم الذين يعجِلون إليه في الصلوات حيث يناديهم بها؛ لفَهمتُ عنهم وقَبلتُ منهم؛ لكنَّ أكثر المستعجلين اللهَ ذلك هم أولئك المُبْطِئون عنه كلما ناداهم؛ إما بترك الصلاة كلِّها، وإما بترك بعضها، وإما بتأخيرها عن مواقيتها؛ فياللهِ العجب!

“كن أنت”؛ كلمةٌ يقولها لك

“كن أنت”؛ كلمةٌ يقولها لك الإسلام والجاهلية؛ يريد بها الإسلام منك اطِّراحَ التقمُّص لغيرك، واجتنابَ التكلُّف في قولك وعملك، وتركَ التشبُّع بما لم تُعْطَ، وتريد بها الجاهلية استخراجَ فجورِك أفكارًا وأقوالًا وأفعالًا بلا حياءٍ، حتى إن شياطينها ليُسَمُّون الكابِتِين فجورَهم منافقين؛ ألا نِعْمَ النفاق يا دُعَّار!

“وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا”؛ صدق الله.