أسرانا يا أحكم الفاصلين، أسرانا

أسرانا يا أحكم الفاصلين، أسرانا يا أكرم الواصلين، أسرانا يا مولانا.

“وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ”؛ يا مولى الموالي؛ لا تدع برحمتك عطاءً في هذه الآية إلا وفَّيت منه أسرانا يوم الحاقة؛ سُقهم مع المتقين إلى جنتك كما سِيقوا إلى السجون بغير حقٍّ إلا أن قالوا: ربنا الله، وافتح لهم أبوابها كما غُلِّقت عليهم أبواب الزنازين، ومتعهم بنداء خزنتها: “سَلَامٌ عَلَيْكُمْ” كما فقدوا بالآلام من السلام، وكما سمعوا من الزبانية أذىً كثيرًا، وروِّح أرواحهم بـ “طِبْتُمْ” كما لم تطب في محابسها طويلًا، وخلِّدهم في فردوسك الأعلى أبدًا كما مكثوا في الأغلال سنين عددًا؛ لا إله إلا أنت.

“الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ

“الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا”.

اللهم إنه لا عليم بضعف أسرانا مثلك، ولا قدير على التخفيف عنهم مثلك، أسرانا يا مولانا.

“الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا”.

رضينا قسمةَ الجبَّارِ فينا **

رضينا قسمةَ الجبَّارِ فينا ** رضيناهُ رضيناهُ رضينا

أسرانا يا كبير يا كريم، أسرانا يا حي يا قيوم، أسرانا يا مولانا.

بينَ الجوانحِ في الأعماقِ سُكناكمْ ** فكيفَ ننسى ومنْ في الناسِ ينساكمْ

نورٌ مبينٌ: “وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي”؛ “قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ”.

يا ذا الجلال والإكرام؛ قد سألك كليمُك -صلَّيتَ عليه وسلَّمتَ- أخاه هارون وزيرًا؛ فآتيته فيه سؤلَه وجعلته معه رسولًا؛ فآتنا اللهم ربنا في إخواننا الأسرى سؤلَنا؛ فرجًا قريبًا عزيزًا، ونجاةً واسعةً طيبةً، وأن تشغلهم إلى العافية بذكرك وشكرك وحسن عبادتك؛ سُلوانًا بأُنسك عن عَنَتٍ وعناءٍ؛ يا طيب.

أسرانا يا واسع الرحمة والمعافاة،

أسرانا يا واسع الرحمة والمعافاة، أسرانا يا ذا الجلال والإكرام، أسرانا يا مولانا.

يسِّر لهم من أسباب النجاة ما عسُر، وقرِّب إليهم منها ما بعُد، وافتح عليهم منها ما أُغلق.

أنت صاحبهم في سجونهم، وخليفتهم في أهليهم وأبنائهم، وأولى بهم من أنفسهم.

استودعناهم خير يمينك، ومن يستودعك غاليه لا يخاف ضياعًا؛ نعم الوكيل ربنا الكريم.

دعاؤنا -هذا السَّحَرَ الشريفَ- لإخواننا

دعاؤنا -هذا السَّحَرَ الشريفَ- لإخواننا في مكاتب تحقيق الطغاة.

لا تجعل اللهمَّ لطاغيةٍ على قلوبهم سبيلًا، وأعذ أحدَهم أن يكون على أخٍ له دليلًا.

ربنا استر عوراتهم عورةً عورةً، وآمن روعاتهم روعةً روعةً.

فؤادي فارغٌ -أيها السادة- حتى يملأكم الله -برأفةٍ منه ورحمةٍ- سكينةً وطمأنينةً.

كلما نمنا عنهم فربُّنا الحي؛ وكلما عجزنا دونهم فمولانا القيوم.

قلبي وَجِعٌ لهم يارب؛ كيف أمهاتهم وسائر أهليهم؟ حسبنا أنت فيهم ونعم الوكيل.

أمكِن اللهمَّ من الكفرة سجَّانيهم، وعجِّل بهم إلى جهنم الموقدة.

أسرانا يا علي، أسرانا يا كبير، أسرانا يا ذا الجلال والإكرام، أسرانا يا مولانا.

أحبتي؛ ستأمنون بحول الله المؤمن، ستسلمون بقوة الله السلام.

عما قليلٍ تذهب عن أبدانكم آثار العذاب، ويبقى لكم عند ربكم الحظوة والثواب.

أسرانا يا من بيده المقاليد،

أسرانا يا من بيده المقاليد، أسرانا يا ذا الجلال والإكرام، أسرانا يا مولانا.

يسِّر لهم من أسباب النجاة ما زعم الكفار أنه عسيرٌ؛ الحكم حكمك ربنا وأنت على كل شيءٍ قديرٌ.

بينَ الجوانحِ في الأعماقِ سُكناهمْ ** فكيفَ ننسى ومنْ في الناسِ ينساهمْ

أسرانا يا مولانا، هذا زمانك

أسرانا يا مولانا، هذا زمانك الكريم؛ أَغِثْ لَهْفَانَهُمْ وَسَكِّنْ وَلْهَانَهُمْ؛ إنك أنت العزيز الرحيم.

ابتهالٌ ليلة عرفات الله:

روحي تطوفُ يا ضخامُ حولكمْ

تُواعِدُ الجراحَ بالمعانقهْ

ها قلبيَ الملسوعَ صُبوا صبركمْ

لتطفئوا -ببرْده- حرائقهْ

ما أفسحَ السجونَ في عيونكمْ!

أما رحابنا -هنا- فضيقهْ

يا فتَّاح افتح مغاليق أبوابهم، يا قدُّوس بارك ضعيف أسبابهم، يا منَّان صلهم قريبًا بأحبابهم.

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا

أسرانا يا مولانا، أسرانا يا سيدنا، أسرانا يا حبيبنا، أسرانا يا ذا الجلال والإكرام.

إن تبسط لهم في عقولهم فتفقه عنك لا يضرهم ضيقُ السجون إلا أذىً، وإن تنور لهم في قلوبهم فتبصر منك لا تضرهم ظلماتُ المحابس إلا أذىً، وإن تروِّح لهم في أرواحهم فتنعم من لدنك لا يضرهم حرُّ الزنازين إلا أذىً؛ حتى تكتب لهم أطيبَ النجاة وأقربَها، وأيسرَ العافية وأعجبَها، وأكرمَ السلامة وأرحبَها؛ أنت وليُّنا من دون الطواغيت، آمنا بك حَكَمًا وكفرنا بقضائهم أجمعين.

أسرانا يا عليمًا بضعفهم، أسرانا

أسرانا يا عليمًا بضعفهم، أسرانا يا خبيرًا بعجزهم، أسرانا يا مولانا.

إن تَتَجَلَّ بهم رحمتُك؛ تجعل أحزانَهم دكًّا، وتخرُّ أوجاعُهم هدًّا، يفيقون من ألمٍ يقولون: سبحانك!

“هل من داعٍ فأستجيب له؟”؛

“هل من داعٍ فأستجيب له؟”؛ الآن يقول الله -تبارك فضله- هذا.

أسرانا يا حي يا قيوم، أسرانا يا أطيب الراحمين، أسرانا يا ذا الجلال والإكرام، أسرانا يا مولانا.

حتى تكتب لهم النجاة (أرغبَها وأطيبَها وأقربَها وأرحبَها وأعجبَها)؛ أغث لهْفانهم، وسكِّن ولْهانهم، واهدِ حيرانهم، وأيقظ غفلانهم، وواسِ وحشانهم، وأطعم جوعانهم، واروِ ظمآنهم، وقوِّ موتانهم.